القرآن الكريم.. منجم الحكمة ومصدر القوة الروحية

جنان عبد الحسين الهلالي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 207

إن القرآن الكريم أعظم كتاب سماوي أنزل إلى البشرية، وهو ليس كتابا تاريخيا يحكي أحداث الأمم السابقة مثلما يفعل المؤرخون، بل هو كتاب هداية وإرشاد، أنزل ليكون دستورا للمسلمين، ومنهاجا يوجههم في حياتهم. يدعو القرآن الكريم إلى التوحيد، وإلى تهذيب النفس، ويضع مبادئ للأخلاق، وميزانا للعدالة في الحكم، تستنبط منه الأحكام، وعندما يذكر فيه حدث تاريخي، فإنه من أجل العبرة والعظة، وليستفاد منه في استلهام سنن الله في قيام الدول وسقوطها، وازدهار الحضارات وزوالها، وصفات قادة الإصلاح، ومناهجهم في إدارة الصراع مع قوى الشر والضلال، والبغي والإجرام، ومن الحكمة الإلهية كان نزول القرآن الكريم على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بشكل متفرق، وكان المسلمون يعتمدون بشكل كبير على الحفظ والرواية في النقل، ونزول القرآن بشكل متفرق سهل عليهم حفظه وفهمه، وأيضا كان يعطي الفرصة للكفار لتدبر كل آية من آياته. كل مجموعة من الآيات النازلة كانت دليلا جديدا على صدق الرسالة، مما عزز الإيمان واليقين في قلوب المؤمنين، مثلما دعا القرآن الكريم إلى الهداية والتوجيه، فهو الدليل والهادي الذي يساعد الإنسان على اتخاذ القرارات الصحيحة في حياته، ومواعظه وتعاليمه تساعد في تطوير الشخصية وتحسين الأخلاق، إضافة إلى ذلك إن القرآن الكريم مصدر للشفاء الروحي والتأهيل النفسي، فقراءته والتأمل في آياته تسهمان بتهدئة النفس، وتحقيق السكينة والطمأنينة، ويمنح القدرة على مواجهة التحديات بثقة وإيمان، مثلما يحتوي على معلومات علمية وظواهر طبيعية كشفها الإنسان في وقت لاحق؛ لتظهر عظمة الله الخالق ويدل على حكمته تعالى في كل ما خلقه، إذ يتحدث القرآن الكريم عن عظمة الكون وتنظيمه، ويبين كيف أن كل شيء فيه يعمل بتنظيم دقيق وحكمة لا تضاهى، ويروي العديد من المعجزات التي أظهرها الله تعالى على يد أنبيائه، مثل معجزات نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام)، ويمنح القرآن الكريم الإلهام والتحفيز، فهو يشجع الإنسان على العمل الصالح، ويحثه على الاجتهاد وتحقيق الأهداف، وبهذا يتجلى القرآن الكريم كمنجم للحكمة ومصدر للقوة الروحية، حيث يوجه الإنسان نحو الخير والتقوى ويمنحه القوة اللازمة لمواجهة تحديات الحياة بكل ثقة واطمئنان.