"فمن أراد العلم فليأت الباب"

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 238

العلم نقيض الجهل، ولأهمية العلم ورد في النصوص الدينية ما يشير إلى مكانة العلم والعلماء، وأهمية وجودهم في الأمة، فقد قال تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) (الزمر:9)، فشتان بين من يملك علمًا وبين من لا يملكه، وهي قضية فطرية مفروغ منها، فالعلم واكتسابه وتحصيله من القضايا الوجدانية الفطرية، وهو من الوسائل لتحقيق الغايات السامية، وبه يترفع الإنسان ويسمو عن الحياة الحيوانية، وبه يكتسب الكمال الإنساني، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له مع كميل بن زياد قال: "العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو على الإنفاق والمال يزول، ومحبة العالم دين يدان به، وبه يكسب العالم الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد مماته"(1). نحن بحاجة إلى اكتساب العلم والنهل منه، والدخول لا يكون إلا عن طريق الباب، وأمير المؤمنين (عليه السلام) هو باب العلم، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب"(2)، فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتحسر أن لا يجد لعلمه الجم الفياض حملة، فهو الذي قال لكميل: "هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ها هنا لعلمًا جما ـ وأشار إلى صدره ـ لو أصبت له حملة! بلى أصيب لقنًا غير مأمون عليه، مستعملًا آلة الدين للدنيا، ومستظهرًا بنعم الله على عباده"(3) وكيف يكون الناس من حملة العلم إذا لم يتوجهوا إلى باب العلم ويأخذوا عنه؟! كيف يتعلمون منه وهم لم يقدروا علمه ومنزلته وهو معدن العلم؟ وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال: "ووصيي أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب"(4)، فكيف لا يتأسف أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يرى كنزه مهدورًا مع أن فيه حياة الأمة ونجاتها وقوتها، ألا وهو العلم وقد زهد فيه؟! فقضية العلم واكتساب المعارف من الأولويات في الحياة، لكن هناك أمر ينبغي الالتفات إليه، ألا وهو أن حصول العلم واكتسابه يتطلب معرفة أبوابه ومفاتيحه، أي منابعه الصافية، فحتى لا يخطئ الإنسان الطريق عليه أن يعرف هذه المنابع، ورسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) هم أبواب العلم وخزانه ومنابعه الصافية. (2) .................................... (1) بحار الأنوار: ج75، ص76. (2) المصدر نفسه: ج40، ص205. (3) شرح نهج البلاغة: ج18، ص346. (4) الأمالي للشيخ الصدوق: ص63.