أثـر مدينة كـرْبلاء المقدسة في عـلاج الأمـراض النـفسية

رحاب حسين العريفاوي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 286

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وميزه عن بقية المخلوقات بالمشاعر والأحاسيس؛ ولأن وجود الإنسان مقترن بالبيئة، فإنه يتحتم عليه العيش في تلك البيئة بما فيها من إيجابيات وسلبيات مع مختلف الظروف والمراحل التي يمر بها، فضلًا عن التنوع في طبقات الأفراد الذين يتعامل معهم، ونتيجة لسرعة تعاطفه مع أحداث الحياة؛ فإن من شأن ذلك التراكم خلق طاقة نفسية سلبية تختلف في مظاهرها، مسببة ما يسمى بالأمراض النفسية التي تعرف على أنها اضطرابات تصيب الإنسان، تؤثر في نفسيته، ومزاجه، وطريقة تفكيره، وسلوكه، كاضطراب الشهية، والاكتئاب، والفصام، والقلق، وأنواع الإدمان، والانفعالات الشديدة، والأفكار المزعجة، والحزن، واليأس، أو التراجع في المستوى الأخلاقي بفقدان الكثير من الطباع الحسنة، فالضغوط النفسية تحيط الإنسان بغشاء حاجب عن إدراك حكمة الأحداث في الغالب، ومن لطف الله (عز وجل) بالإنسان، أنه لم يتركه بلا دليل في كل الأحوال، إذ جعل في المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) الشفاء لما في الصدور، سواء في آثارهم من الأحاديث والروايات الشريفة، أو في مراقدهم المطهرة، وبلا شك فإن مدينة كربلاء من أهم البقاع المقدسة؛ لاحتضانها فلذة كبد النبي (صلى الله عليه وآله) وريحانته، فغدت كربلاء محطةً لراحة المكروبين، ومطمع الراغبين، ومنتجع الآملين؛ لما لها من خاصية في التغلغل إلى النفس لتنقية الأعماق، حيث لمعان القبب الشريفة وانتشار عبق الإيمان من كل الجهات، فضلًا عن الدروس التي ما تزال تتوالى في الأذهان عن قضية الأمة الكبرى، فعطاء الإمام الحسين وآل بيته (عليهم السلام) المتعدد في مظاهره وتمثلاته يلفت انتباه الزائر إلى الشعور بالرضا بالقدر، والخضوع لحكمة السماء في كل حدث، فضلًا عن تنوع الناس من شتى الهويات والبلدان، مما يجعل الإنسان يستشعر الأمان فيها، فيسلو عن دائه بفضل تلك الآثار التي تبثها أشعة الأنوار المتكاملة من ثنايا كربلاء، ومثلما يقول الشاعر: أهْل بيت طهروا من دنس وهم في الخلق أسباب النجاة(1) أهمية كربلاء المقدسة في علاج الأمراض النفسية: 1ـ استلهام الصبر والقوة عبر استذكار الأحداث التي جرت على آل النبي (صلوات الله عليهم) في هذه الأرض. 2- أثر الأجواء الإيمانية في تصفية النفس من الهواجس السيئة التي يزرعها الشيطان في قلوب المؤمنين بقصد استمالتهم إلى الانحراف. 3- الرضا بقدر الله سبحانه وتعالى، ومحاولة البحث عن الحكمة فيما يجري للزائر من أحداث. 4- استشعار الزائر للاطمئنان لما يتمثل في كربلاء من حسن تعامل وسلوك بين المؤمنين في مختلف الظروف. ........................ (1) ديوان محمد عبد الرضا الحرزي: ص67.