الاستقلالية.. إلى أين؟

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 180

نعيش في زمان اختلطت فيه كل المفاهيم، واكتسحت الأفكار المنحرفة الأجواء حتى وصل الحال بنا إلى أننا لا نصدق ما نراه أو نسمعه بسبب الاستخدام الخاطئ للتقنيات الحديثة في تزوير الحقائق وتشويهها، وكل ما يحدث مبني وفقًا لتخطيط مسبق ممن يريد بأمتنا الشر، فكان لزامًا على الجميع التصدي للانحراف كلٌ بحسب موقعه وإمكاناته، ومن هذا المنطلق نتناول أحد أهم العناوين البراقة التي أريد بها باطلًا، ألا وهو مصطلح (الاستقلال الذاتي)، وهو (حرية تصرف الشخص بمقتضى إرادته ومشيئته)(1) ، إذًا الاستقلالية الذاتية: قدرة الفرد على صنع قراره الشخصي بنفسه من دون تدخل لأي طرف آخر، مثلما يستخدم لتحديد المسؤولية الأخلاقية لتصرفات الأفراد، وهي من الأمور المرغوبة لتنظيم العمل، والنهوض بالمجتمع، وإشعار كل فرد بقيمته وأهميته ودوره في المحيط الذي يعيش فيه. كل ما ذكر آنفًا مرهون بمستوى وعي الإنسان وكيفية فهم الاستقلالية الذاتية الذي يصب في مسار المصلحة العامة، وتطبيق المبادئ والقيم الإنسانية الشرعية. ونجد أن لهذا العنوان منافذ كثيرةً لاجتياح عقول المراهقين، ومن لا يملك حس المسؤولية، روج للاستقلالية بالمعنى الغربي الذي يقتصر على الجانب الفردي، والانسلاخ عن المجتمع، وإمكانية عمل أي سلوك يرغب به الفرد وفي أي وقت شاء وإن كان مخالفًا لكل القيم والقوانين بذريعة الاستقلالية، وهنا تكمن خطورة الموضوع، وهي فقدان الشعور بانتماء الفرد إلى المحيط وما يرافقه من سلوكيات غير مرغوبة. وفي الجانب الآخر نجد الاستقلالية الشخصية المحمودة التي من شأنها تعزيز مواطن القوة لدى الأفراد، وتنمية الشعور بالانتماء والولاء للمجتمع، والانطلاق من القيم والمبادئ الإسلامية الراسخة التي تحث على أهمية عدم الانجرار وراء المسميات الغربية المشبوهة الأهداف، فالجميع يسمع ويرى الكثير مما يروج له الإعلام من دون أدنى تحكيم للعقل في الاختيار الصحيح، أو غربلة المعلومات، مثلما قال تعالى:( فمن اهْتدى فإنما يهْتدي لنفْسه ومنْ ضل فإنما يضل عليْها ) (يونس:108)، فتبرز حينها نتائج قوة الشخصية في الحق حين يواجه الفرد الضغوطات المختلفة، سواء كانت من الأقران أو من وسائل التواصل، وربما من بعض المقربين الداعمين للتغيير السلبي، والمروجين له مجاراةً للتطور الوهمي. ومن أجل كل ما سبق يجب علينا الاستعانة بالله أولًا وأخيرًا لمقاومة الضغوطات الكثيرة، ومن ثم تدريب النفس على الإيحاء الذاتي الإيجابي، واستخدام الجمل العبارات التي تحمل في طياتها مشاعر متقدة من التحفيز ورؤية المستقبل المشرق، والفخر بالنفس القوية حيث يتساقط الآخرون، وليكن شعارنا: "قلب المؤمن عرش الرحمن"(2)، لما يحمل من معان للاستقلالية الحقة. ................................... (1) الاستقلال الفلسفي في الفكر العربي المعاصر: ناصيف نصار أنموذجًا، الجامعة المستنصرية، كلية الآداب، قسم الفلسفة،(2010م): ص7. (2) بحار الأنوار: ج٥٥، ص٣٩.