رياض الزهراء العدد 208 شمس مغيّبة
عطش المحبين
شبلٌ من ذاك الأسد، وماذا عساه أن يكتب فيه القلم.. تنحني قامة القلم أمام هامة هذا البطل.. تقنطر في النهروان بحراسة الجسر، فهابته الخوارج.. فأي أسد ضرغام هذا الشبل الهاشمي! من نسل حيدر، ذاته مقدسة بنفس طاهرة.. من أسرة فرعها في السماء.. من تلك الدوحة العلوية.. نشأ في أحضان المعصومين.. فكفاه فخرًا أن أباه أمير المؤمنين (عليه السلام).. وأنه أخٌ لسيديْ شباب أهل الجنة.. ومن مثل العباس (عليه السلام)؟ فالاسم يحمل معناه: (العباس) أسد تهابه الأسود.. آية في الجمال الهاشمي.. أبلى بلاءً حسنًا، فصار بابًا للحوائج.. وغوث الملهوف.. وعندما ننادي: يا كاشف الكرب...تنكشف بـ(أبو فرجة) كربنا.. فدى نفسه دون الحسين (عليه السلام)، فحلقت روحه في محراب الشهادة.. وتلك الكفان نالتا وسام تقبيل ثلاثة من المعصومين.. فأبدله الله بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة.. فهذا سبع القنطرة.. قد أبرز جمال عشق الولاية في ساحة كربلاء.. في كفالة زينب (عليها السلام).. أفنى ذاته في إمام زمانه.. فلنتعلم من العباس (عليه السلام) كيف نفني أرواحنا في إمام زماننا.. وكيف تكون المودة لآل محمد (صلوات الله عليهم).. ارتقت روحه حين ارتوى بالعطش من أجل محبوبه.. تلظت كبده عطشًا.. لامس برودة الماء، لكنه رماه من كفيه.. كان الارتواء فيه حسينيًا.. ارتواء بالحب والولاء والمواساة لإمام زمانه.. العباس ارتوى من حب الحسين، وسقى كل متعطش لمعرفة سيد الشهداء.. فليكن عطشنا إلى إمام زماننا هكذا.. نأتي لنرتوي بالحب، وندعو له بالفرج.. فلنكنْ دعاةً إليه بأفعالنا.. فليكنْ عطشنا نابعًا من القلب؛ لنهتدي إلى معين المهدي (عجل الله فرجه).. فنرتوي ونكون الساقية لكل مشتاق يبحث عن إمام زمانه.. صاحب الزمان هو الماء المعين لكل روح عطشى، فمن أراد الحياة، فعليه أن يستسقي من نمير المهدي (عجل الله فرجه).