(ولله الأسماء الحسنى)(1)

رجاء علي البوهاني/كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 99

إن الاسم لغةً ما دل على الشيء، سواء أفاد مع ذلك معنىً وصفيًا كاللفظ الذي يشار به إلى الشيء لدلالته على معنىً موجود فيه، أو معنىً رمزيًا خاصا في الفرد، كقيامه بنظم الشعر أو امتلاكه مهارات علمية في مجالات معينة، فالفرد يوصف بـ(الشاعر) أو (العالم)، أو لم يفدْ إلا الإشارة إلى الذات، كـ(زيد) و(عمرو)، بخاصة الاسم المرتجل من الأعلام. والأسماء بأجمعها محصول لغاتنا، فلم نضعها إلا لمصاديقها فينا التي لا تخلو عن شوب الحاجة والنقص، فلا يمكن على هذا أن نطلق وندعو الله تعالى بأي اسم كان، إلا ما كان له معنىً وصفي، وفيه شيء من الحسن، بل ليس كل معنىً وصفي حسنًا إلا ما كان أحسن بالنسبة إلى غيره، فالـ(شجاع) و(العفيف) معانٍ وصفية حسنة، لكنهما لا يليقان بالذات الإلهية المقدسة؛ لاشتمالهما على خصوصية الجسمانية ولا يمكن سلبها عنهما، بينما أسماء من قبيل (الجواد، والعدل، والرحيم) لا مانع من إطلاقها عليه تعالى؛ لذا أمرنا الله سبحانه بأن ندعوه بأسمائه الحسنى، وقدم الخبر في قوله تعالى: )ولله الْأسْماء الْحسْنىٰ( (الأعراف:180)، مما يفيد الحصر؛ ليدل على أنها خاصة به تعالى وكون الاسم من أسمائه أحسن الأسماء، أي أنه يدل على معنىً كمالي غير مخالط لنقص أو عدم، إلى درجة لا يمكن معها من تحرير المعنى من ذلك النقص والعدم وتصفيته، أو كل حاجة أو عدم أو فقر، كالجسمانية والأفعال المستقبحة؛ لذا ذم الله تعالى الذين يلحدون في أسمائه، أي يسمون غيره بأسمائه، كتسمية المشركين أصنامهم بأسماء الله تعالى، من قبيل (اللات) المأخوذ من (الإله)، أو (العزى) المأخوذ من (العزيز)، و(مناة) المأخوذ من (المنان)، فيلحدون ويميلون عن الحق بهذه التسميات لإرادتهم التشريك مع الله تعالى، ومنهم من يطلق صفات على الله تعالى لا يجوز وصفه بها لما فيها من نقص وتجسيم، كوصفه سبحانه بأبيض الوجه وجعد الشعر، أو نسبة الظلم إليه في أفعاله، أو نسبة الجهل إليه في حكمه ـ والعياذ بالله ـ ونحو ذلك من النسب المنزه عنها سبحانه. يقول السيد الطبطبائي (قدس): (فـ(العلم) فينا الإحاطة بالشيء من طريق أخذ صورته من الخارج بوسائل مادية، و(القدرة) فينا المنشئية للفعل بكيفية مادية موجودة لعضلاتنا، و(الحياة) كوننا بحيث نعلم ونقدر بما لنا من وسائل العلم والقدرة، فهذه لا تليق بساحة قدسه، غير أنا إذا جردنا معانيها عن خصوصيات المادة، عاد (العلم) وهو الإحاطة بالشيء بحضوره عنده، و(القدرة) هي المنشئية للشيء بإيجاده، و(الحياة) كون الشيء بحيث يعلم ويقدر، وهذه لا مانع من إطلاقها عليه ـ سبحانه ـ لأنها معانٍ كمالية خالية عن جهات النقص والحاجة، وقد دل العقل والنقل أن كل صفة كمالية فهي له تعالى، وهو المفيض لها على غيره من غير مثال سابق، فهو تعالى عالم، قادر، حي، لكن لا كعلمنا، وقدرتنا، وحياتنا، بل بما يليق بساحة قدسه من حقيقة هذه المعاني الكمالية، مجردة عن النقائص(2). ....................... (1) الأعراف:180. (2) تفسير الميزان: ج8، ص343.