الهَاشِميُّ الغَريبُ_القاسمُ بنُ الإمامِ موسى بنِ جعفرٍ (عليهم السلام)
كان القاسم بن الإمام موسى الكاظم يتمتّع بفضل ظاهر مشهور، ودين رصين، ونفحات محمديّة، وعبير علوي فهو ينهل من معين ملأ الكون حكمة وبلاغة وفصاحة وضّاءة، فكيف لا؟! وذلك الفرع يعود إلى جذور أصلها التقوى والورع والخشوع، كلّ تلك الصفات الحميدة اجتمعت فيه لينال ثقة أبيه الكاظم (عليه السلام)(1)، حيث قال: "لو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه ورأفتي عليه"(2)؛ وذلك لعلّو مقامه الشريف، ومكانته العظيمة في نفس والده تدل على عظمة شأنه. كان القاسم (عليه السلام) يهلل الله تعالى ويكبّر ويذكر الآخرة. كلّما يخطو خطوة، صائماً نهاره قائماً ليله، وعندما يقف بين يدي ربّه كان وجهه يتصاعد منه ألقٌ ونورٌ إلى عنان السماء، فهو ولي من أولياء الله الصالحين، وقد شهد التاريخ له بمواقف جليلة وشجاعة، وبسالة هاشمية حينما غار جماعة ليسلبوا وينهبوا الحي الذي حل فيه غريباً حيث كان القاسم (عليه السلام) ينظر إليهم ويشاهدهم ببصره، ولما رأى الأعداء قد تكالبوا على الحي وأضروا العيال ولم يكتفوا بالسلب حيث أخذوا ينزعون المصوغات من النساء حركته النخوة القرشية فشدّ عليهم وقاتلهم قتال الأبطال حتى جعل يأخذ الرجل من فرسه ويضرب به الآخر، فعجزوا عن مناجزته والوقوف أمامه فسألوه النجدة وأن يرجعوا إليه جميع ما نهبوه وأخذوه من أهل المدينة، فجاء القاسم (عليه السلام) إليهم بمواشيهم وجميع ما نُهب منهم، فأُذهلت عقول المتفرجين والمترقبين لذلك الفتى الهمام ذي البصيرة الثاقبة والعلم المكنون لما له من هيبة ووقار ونور ساطع قد سحر القلوب قبل العيون.(3) وقد تُوفي (عليه السلام) في مدينة سورا المعروفة الآن بمنطقة القاسم في الحلة إثر مرض ألمّ به في قصة مشهورة في 22 جمادى الأولى. ...................................... (1) العلوي الغريب: ص84. (2) الكافي: ج1ـ ص465. (3) حياة القاسم بن الإمام موسى بن جعفر: ص32.