دور المرأة في تعظيم الشعائر الحسينية وإحيائها

خديجة الكبرى رحيم السعيديّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 237

انطلاقًا من قول الله تعالى: )ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب( (الحج:32)، كان للنساء مواقف لإحياء الشعائر الحسينية والتعبير عن حزنهن بطرق شتى، مثلما كان لهن الدور الإيجابي والفعال في النهضة الحسينية ومواساة أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بدءًا من الأزمان السحيقة وإلى يومنا هذا. ولم يمنعهن مانع من أداء مراسيم العزاء التي يعددنها فرضًا واجبًا عليهن، وما لها من أثر ووقع خاص في القلوب، مما دفعهن إلى مواصلة إبراز كل جانب من جوانب عاشوراء على أكمل وجه وبتفانٍ مطلق، من دون ملل أو كلل، ولمعرفة المزيد قمنا بإجراء استطلاع بشأن دور المرأة في كيفية إحياء الشعائر الحسينية: بينت د. أزهار جاسم الكعبي/ أستاذة مساعدة اختصاص علوم حياة أنها تنتهز الفرصة في كل درس لتحدث طلابها عن شهر محرم الحرام والشعائر الحسينية، لاسيما حث الطالبات على الاقتداء بالسيدة زينب (عليها السلام) في الحجاب والعفة والبسالة، إضافة إلى أنها مع مجموعة من الطلبة والطالبات خصصوا مكانًا لإقامة العزاء على مصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، كذلك تنظم بعض الطالبات فعاليات في الحرم الجامعي كتوزيع قصاصات تحتوي حديثًا عن الإمام الحسين (عليه السلام) على الطلاب، أو تحوي نصائح يقدمنها بطريقة مهذبة لبعض الطالبات بشأن الحجاب . وبينت السيدة ميثاق الموسوي/ مدرسة رياضيات أنها توصي دومًا الطلاب بالحضور لطلب العلم وعدم الغياب، وتبين لهم أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يوصي دومًا بالتعلم، وأنه يريد منهم أن يكونوا جيلًا واعيًا ومتعلمًا، وأوضحت كيف تستثمر استراحة الطلبة على الرغم من كون درسها غير مرتبط بمجال الدين، إلا أنها تحرص دومًا على تذكير طلابها بتضحيات يوم عاشوراء والاقتداء بعلي الأكبر (عليه السلام) لكون طلابها من الفتيان. بينما حدثتنا ميثاق الفتلاوي/ خطيبة المنبر الحسيني قائلةً: إنها تقدم المواساة للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مجالسها، فتبدأ بالنعي ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام)، وبعدها تقدم النصيحة والموعظة اقتداءً برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، وقد روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: "من قال فينا بيت شعر، بنى الله تعالى له بيتًا في الجنة"(1)، ثم تابعت قائلة: بصفتي خطيبة منبر، علي تقديم النصائح، وبيان موقف شباب الطف، وكيف أرخصوا عمرهم في نصرة الإمام الحسين (عليه السلام). وأوضحت أم حسنين المرعبي/ أستاذة في الحوزة العلمية: أن لديها سلسلة من المحاضرات في شهر محرم الحرام، منها الأخلاقية، ومنها ما يخص الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء، ومنها تعريف الناس بقضية الإمام الحسين (عليه السلام)، وبذلك تكون لها منهجية متكاملة في إحياء الشعائر . من بعد ذلك اتجهنا إلى ربات البيوت، ممن لهن النصيب الأكبر في المشاركة، فقد ذكرت آلاء الصيدلي أنها تعد لصغارها الشاي والكعك والعصائر لتوزيعها على الزائرين، وأنها تساعد بطريقة غير مباشرة على جمع مبالغ مالية لمساعدة العوائل المتعففة، وتقول: من أهم الأمور في مجالس العزاء هو إبداء الحزن، وحث الصغار على الصلاة في وقتها، ولابد من المشاركة في مجالس العزاء حتى إذا كانت تقتصر على الحضور القليل، ليكون تشجيعًا لهم. ثم عرجنا على بعض الشابات، فقالت إحداهن: إنها تساعد في إقامة مجلس العزاء، وطهو الطعام للمعزين، ونصب السواد وإعلان الحداد، فهي ترتدي الملابس السوداء طوال شهري محرم وصفر مواساةً للسيدة الزهراء (عليها السلام) وأهل البيت (عليهم السلام). بينما حوراء قالت: إنها لا تكتفي بهذا القدر من المساعدة، بل تقوم بالمشاركة في الخدمة التشريفية في كربلاء المقدسة؛ لتخدم الزائرات اللواتي يحضرن عند قبر سيد الشهداء وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام)، فهي تعتقد أن هذا العمل هو بمنزلة المواساة لآل البيت الأطهار (عليهم السلام). كل واحدة من هؤلاء النساء رسمت قصة جود وعطاء محدود الكم، غير محدود الشعور، فتسابقن سباق الوالهين في مضمار الحب الحسيني، وجعلن منه هدفًا وغايةً لا وسيلة، فهتفن بألسن صادقة إنهن يردن الوصول إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وليس الوصول عبره. كان هذا جانب بسيط ومحدود من خدمة النساء، حيث لهن مواقف لا تنسى، وأدوار لا تعد من التضحيات، فتروى قصصهن في كل عام، بدءًا من أمهات الشهداء إلى الفتيات الصغيرات، نسأل الله أن يعطينا القدرة على إحياء شعائره مثلما يحب ويرضى. .......................... (1) ميزان الحكمة: ج2، ص1463.