القارب المنقذ

فاطمة جاسم فرمان/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 109

دق ناقوس الحزن، كعادتها جدتي أخرجت لنا الملابس السوداء، وجلبت بقرة من الحظيرة لتذبحها وفاءً لنذرها لسيد الشهداء (عليه السلام)، لا نزال في اليوم الأول من محرم الحرام، رأيت الجميع يركضون، وأهلنا في الحي المجاور جاؤوا إلينا والكل في حالة رعب وخوف، لا أسمع سوى هتاف: يا أبا الغوث أغثنا، يا علي أدركنا، على ألسنة الجميع الصغار منهم والكبار. وإذا بصوت يقول: ـ يا أيها الروافض، اذهبوا إلى مدينتكم، لا مكان لكم هنا. ثم بدأ صوت الرصاص يتصاعد، حوصرنا من كل الجهات إلا جهة واحدة، جهة البستان، لا مفر لنا، لابد من عبور النهر، وأنى لنا بذلك والماء بارد جدًا والفصل فصل الشتاء! جاء رجل كبير السن قائلًا: ـ لدي قارب يمكنكم العبور به. عبر مئات الأشخاص من الرجال والنساء والأطفال والمرضى من منفذ النهر وهم في حالة وجل، لا يحملون معهم سوى أرواحهم، وتركوا خلفهم أرض أجدادهم وما عمروه فيها في سنوات عديدة بلحظة واحدة، والسبب حبهم لأمير المؤمنين علي (عليه السلام). لحظة وداع منزلنا كانت صعبة علي جدًا، رحلت وأنا أرى الطعام المطبوخ نذرًا لسيد الشهداء (عليه السلام) وأعلام الحداد، وكل ما نملك أصبح من الماضي. تعالى صوت من خلفي: ـ كل ما نملك فداءً لك يا حسين. واذا به صوت جدتي، وأردفت: ـ أرواحنا لك الفداء يا سيد الشهداء.