الحاجة الملحة لكائنٍ كمالي

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 147

في قديم الزمان كان البشر يعيشون في الجبال والغابات وقرب الأنهار، وفي كل مكان يمكن أن يعيش فيه مخلوق طبيعي يمارس نشاطاته الحياتية بحسب الظروف والمؤثرات التي يتكيف معها بسبب طابعه الاجتماعي، وقد كان يبدع في تحصيل احتياجاته الروحية والمادية، فعلى سبيل المثال عندما كان يحتاج أن يجمل نفسه، كان يستخدم الألوان الموجودة في الطبيعة ليصبغ وجهه أو قسمًا من بدنه باستخدام أدوات بدائية، وعندما احتاج إلى الدفء وطهو الطعام اكتشف النار من أبسط أداة ممكن أن تخطر على البال، ألا وهي الحجر، وبمرور الزمان اخترع الإنسان كل ما يحتاج إليه، بدءًا بالحراب، والفؤوس، والمحكات، وصولًا إلى الماكنات، وأدوات الزراعة والصناعة الحديثة، والمدار في ذلك كله هو الاحتياج، فما معنى أن يمتلك الإنسان شيئًا لا يحتاجه؟! ومع مرور الزمان، وكثرة الأدوات والاختراعات والتفاصيل المتكاثرة بصورة جنونية، كان لابد من إعادة التقييم بشأن الاحتياجات، والاقتصار على أهم الأدوات الضرورية للعيش ولاستمرار الحياة. ومن أهم الأدوات التي غزت حياتنا، الهواتف النقالة التي أصبحت شبه ضرورية في حياة كل بالغ يمارس نشاطًا وعملًا معينًا، بسبب الكم الهائل من الخدمات التي يقدمها هذا الجهاز الحديث، فهو يمثل التلفاز، والمذياع، والكتاب، والحاسبة، والمصباح، فضلًا عن الخدمات البرمجية المتنوعة؛ لذا يمكننا أن نقول بجرأة إنه أفضل صديق وقت الضيق في هذا الزمان، لكن السؤال هو: هل يحتاج الطفل أيضًا إلى الهاتف النقال؟ وهل يعد ضروريًا أيضًا للأطفال؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب تقييم مقدار الاحتياج في استخدام الهاتف النقال، فعلى سبيل المثال، هل يتلقى الطفل دروسًا عن طريقه؟ هل يحتاج إلى مراجعة معلومة تلقاها في المدرسة ولم يفهمها؛ لذا هو مضطر إلى مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو التعليمية لترسيخ الفكرة؟ هل هو متعب ويريد الاسترخاء، ومشاهدة شيء من الرسوم المتحركة؟ هل هو ضجر في نهارات الصيف الطويلة، ومن ثم يحتاج إلى الترفيه ولعب الألعاب الإلكترونية المفضلة لديه؟ هل هو مضطر إلى الحديث مع أحد زملائه والاستفسار عن بعض المواد الدراسية؟ هكذا نجد الأسباب تتعدد؛ لذا قد يكون الهاتف النقال ضروريا للأطفال أحيانًا، مثلما أنه ضروري بالنسبة إلى الأفراد البالغين بسبب الحياة الاجتماعية الحديثة، لكن ما يقع على عاتق الآباء من مسؤولية، هو وضع بعض الخطوط العريضة لإدارة هذه العملية، والتخلص من السلبيات التي ترافقها، وتشجيع الأبناء على الاستخدام السليم بدلًا من النوع السلبي منه، وتشجيعهم على تنظيم الوقت، والابتعاد عن الفوضى والاستفادة من هذه الأداة الفريدة، وتحويلها إلى أداة نافعة تحقق النجاح في المستقبل.