رياض الزهراء العدد 208 إسقاطات ذاتية
إلى أخي
في ليلة الحادي عشر من المحرم وفي أثناء إيقادنا للشموع في مطلع الليل، أسرتني قصيدة يعبر فيها الشاعر عن لسان حال السيدة زينب (عليها السلام) وهي تخاطب أخاها المولى أبا الفضل العباس (عليه السلام)، كأنها تقول: في داخلي بحر لجي، وأعاصير قوية، حيثما ألتفت أجد نارًا وخيامًا محروقة، وأطفالًا مشردة، ولا تزال تمطر إلى الآن، إن الليل قد انتصف، علي أن أستعد للحراسة وإن كان قول هذه الكلمة يستنزف طاقتي، إلا أنني لا أدري كيف أصف شعوري بدونك يا أخي وأنت سيد الإحساس! أنظر تارة عن يميني، وتارة عن شمالي، ثم يخطف بصري ضوء مشع عند المشرعة، إنه القمر، أجل، إنه رأسك الذي يعلم بأن هذه الليلة ستنزل أستار دياجيها فوق خيمنا المحروقة، وأبى ذلك.. لكنني افتقدت صغيرتي، أريد أن أبحث عنها وأنا امرأة بمفردي، سمعتها النساء تقول إنها تريد أن تأخذ القربة إلى أبيها لتسقيه شربةً من الماء، أيقتل أخوك عطشان وأنت سيد الماء! وجدتها عند مصرعه، استدلت إليه عبر رائحته الزكية.. ماذا عن محملي؟ من سيرجعني إلى مدينة جدنا؟ كيف سأعود أسيرة وأنا قد أتيت على المحمل أميرة؟ أسبى وأخي العباس مقطوع الكفين؟! أسبى وأخي الحسين مقطوع الودجين؟! ولأبي وعد قد وعدني إياه، أن يأتي ليحرسني في ليلة الحادي عشر، لا تقلق من أجلي، فأني أستصعب الأمر كثيرًا، لكني مؤمنة بقضاء الله وقدره وبحكمته، شاء الله أن يتم نوره بمصابنا ولو أبى الكافرون... أخي الغالي! كتبت لك رسالتي هذه لأذكرك بالكم الهائل من الوفاء بين الأخوة، وكيف كان لقب (جبل الصبر) لقبًا لعقيلة الطالبيين، وكيف كان العباس (عليه السلام) كافلًا لها ومعينًا، عسى أن تلمس سيرتهم مشاعرك فتعود إلينا بعد أن أرهقتك سنين الغربة..