سَأَكسِرُهَا
بعد مضي يوم عصيب من جهدٍ وتعبٍ وجري خلف واجباتي اليوميّة، ها أنا أرمي بهامتي المثقلة، أدفنها في وسادتي الطريّة، أنشد الراحة والاسترخاء، أتوق لسحب نفسٍ طويلٍ في غفوةٍ لا أتمنّى الصحو منها, علني أتخلص من ذلك الكابوس الذي يجثو فوق صدري، لكن هيهات، فما إن اشتمّ رأسي عبير وسادتي زلزل كياني ذلك المنبّه اليومي الذي تعودت حواسي على ضبطه في هذه الساعة بالذات، يبدأ عتابه معي ويرميني بسهام اتهاماته المسمومة.. يتهمّني بتلك النفس التوّاقة للراحة.. البعيدة عن ربّها وكتابه، وسنّة نبيّه.. لا تتوانى تلك الأجراس عن ترويعي ومحاسبتي.. لماذا لم أعد تلك المتعلقة لله تعالى في ساعات التهجّد الليلي..؟! لا ينسى ذلك الهاتف من أعماقي سؤالي كما كلّ يوم.. ماذا فعلت طول يومك..؟ هل تلذذت بكلّ الطيبات التي رُزقت بها، وتركت ألذّ نعمة وأطيبها وهبك الخالق إياها من تهجّد واكتمال روحي وتوجّه واستعانة..؟ لقد أتخمك الشبع.. أنساك حكم خالقك.. وقوانينه.. تناسيت دستوره المقدّس.. تمضين يومك ترتعين وتمرحين متجاهلة واجباتك، متناسية ما هو مطلوب منك, تعلّقتِ بالقشور وتركت اللباب، وانشغلت عن عاشقك الخالق بالمحبّين. جعلتني أعيش في ظلمة حالكة على الرغم من وجود الضوء من حولي، كلّما أطبقت بيدي على النور وتمسكت به وسكنت روحي إليه جررتني نحو الهاوية، حينما افترش الأمل حياتي، وأشعلت الشمعة لتنير لي طريقي، أدارت أجهزتكِ أشرطة سينمائية لتجذب عقلي نحوها، فيكون جسدي معي، وعقلي وروحي وكياني منجذباً لكِ، أيتها النفس لا أنتهي من وقتي إلا بانتهاء الحلم معك.. يا آه.. يا أنتِ..! متى ستعتقيني لكي أغرد على أنغام توسلاتي.. وأخوض أمواج عشقي من دون تدخل منك..؟! هل سيكون قريباً.. أو بعد أمدٍ بعيدٍ من سيطرتكِ على كلّ كياني..؟! متى تنكسرين..؟! كنت أرسم أحلامي بحبر دموعي على صفحة قلبي الناصعة..! أبني قصوراً من زمرّدٍ وياقوتٍ بعيداً عنك، ولقد ضاع الحلمُ معكِ، وأصبح السواد يكسو حياتي بعد أن جرّتني أحلامك نحو طريقٍ مجهولٍ، اختفت بسمتي.. وحلّ مكانَها الحزنُ واليأس، والدموع التي تُغرِق وسادتي..! كلّما مرّ سواد ليل أصرخ من ألم وثقل يقلق راحتي، تتكالب الأحزان والآلام تهشّم أضلعي، لكن أيتها الأمّارة.. لن تتمكني مني بعد اليوم.. بعدما نلت الرضا، وشعرت بالسكينة سأدوسك تحت قدمي، لن أتركك تسيرينني كما شئت، كبّلت مني اليدين على الرغم من علمي بعاقبة الأمور، أسير خلفك كالمسحورة لا حول لي ولا قوّة.. في عقلي الباطن..! هناك..! نور وأجراس.. تدلّني من أين الطريق..! كلّما ضللتُ كان نور الله (عزّ وجل)هو الدليل..! منذ سجّلت اسمي طالبة في مدرستهم وأنا أسعى سعيهم أينما كنت وأكون..! ها أنا أقول لكِ: لا أكون أسيرتك.. سأصم أذني عنك وأتركك ترتعين كيفما تشائين..! علمني كتاب الله (عزّ وجل) كيف أتمسك بالنور، وأترك الظلام.. علمني أن من له سيّد كالبشير النذير، وكتابٌ كالقرآن الكريم.. لا يضيع أبداً، لا يستسلم لمكائد الشيطان.. هو في الدرك الأسفل، وهما في أعلى عليين..!