(يَسْأَلُونَكَ)(1)

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 299

من المفردات القرآنية التي تعبّر عن ظاهرة السؤال في حياة الإنسان مفردة يَسْأَلُونَكَ، وقد ذُكرت في القرآن الكريم (15) مرّة، وكان موضوع السؤال متعدّدًا، تارةً عن الإنفاق، وأخرى عن الروح، وذي القرنين، ومواضيع أخرى. ولا شكّ في أنّ السؤال باب للعلم واكتساب المعرفة، لكن هناك آداب وأمور مهمّة تتعلّق بالسؤال، من قبيل مَن، وماذا، وكيف، ومتى نسأل؟ وقد تطرّقت إلى ذلك الروايات الشريفة: أولًا: مَن نسأل؟ يهدف السائل بسؤاله إلى الانتقال من حالة الجهل إلى حالة العلم، ويتحقّق هذا الهدف بسؤال العالم لا الجاهل. ثانيًا: ماذا نسأل؟ لابدّ من أن يجلب السؤال منفعة للإنسان في دينه ودنياه وآخرته، سؤالٌ يزيده معرفةً وعلمًا يثري عقله، ويغني تجربته، سؤال يدخل في نطاق مسؤوليته، فليركّز السائل في أسئلته عمّا يُسأل عنه يوم القيامة؛ فقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه، وعن حبّنا أهل البيت"(2). ثالثًا: ما لا نسأل عنه: لابدّ للسائل من أن يتحاشى السؤال الذي فيه مضيعة للوقت ولا نفع فيه لأحد، فهناك مواضيع ليست فقط عديمة الفائدة، بل أيضًا مستحيلة الوقوع، فلمّا قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "سلوني قبل أن تفقدوني"(3)، فبدلًا من أن تستفيد الأمة من وجود الإمام المبارك لما ينفعهم لأمر دينهم ودنياهم، وينتفع به المجتمع البشري، كانوا يسألونه أسئلةً تنمّ عن الجهل والتفاهة، فعندما سُئل (عليه السلام): هل يقدر ربّكَ على أن يدخل الدنيا في بيضةٍ، ردّ عليهم قائلًا: "إنّ الله تبارك وتعالى لا يُنسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون"(4). رابعًا: حُسن السؤال: فلا شكّ في أنّ حُسن السؤال له دور كبير في وصول السائل إلى مراده، بينما إذا لم يحسن السؤال، فإنّه قد يتعب كثيرًا ويتعب المسؤول منه؛ لذلك ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "وحُسن السؤال نصف العلم"(5)، فإنّ مَن لا يحسن السؤال قد يضيّع عليه فرصًا كثيرة. ........................... (1) المائدة:4. (2) بحار الأنوار: ج68، ص180. (3) المصدر نفسه: ج40، ص190. (4) المصدر السابق: ج4، ص143. (5) المصدر السابق: ج1، ص224.