ابنَتِي والاقتِداءُ بالعَقِيلَةِ (عليها السلام)

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 199

بنيّتي الحبيبة: لتكنْ مولاتكِ زينب (عليها السلام) نبراس دربكِ، ومنار حياتكِ، فهي مثال الإيمان والالتزام، وأسوة كلّ رسالية تذوب في حبّ الإسلام. فبعد واقعة الطفّ عندما أُخِذتْ إلى الكوفة سبيّة، ابتدأت رحلتها المضنية؛ لتصون رسالة النهضة الحسينية، وأحرزت النصر تلو النصر، وسارتْ نحو الشام لتتمّ الأمر، ولم تفلح مآسي الأسر في النيل من همّتها، أو ثنيها عن إكمال مسيرتها، وتحقيق أهداف نهضة إمام زمانِها، بل حوّلتْ بصبرها رمال الصحراء إلى نيران ملتهبة تحرق آسريها، واستحالتْ دموع خلوتها في مناجاة خالقِها سهامًا تفتك بظالمِيها. أرادوا عبر مسيرة السبي بثّ الرعب في النفوس، فحوّلتْ العقيلة (عليها السلام) منازل الأسر إلى محافل موعظة ودروس، وجعلت من أقتاب الجمال منابر رثاء لتلك الشموس. بدأ في السبي طفّ آخر، على الرغم من كون العيون عَبرى، والصدور حَرّى. حملت الراية وأكملت المسيرة، وحقّقت الغاية وهي مُكبّلة أسيرة، وأدّتْ دورها المرتقب في كُلّ منزل مرّتْ به حتى وصلتْ إلى قصر الطاغية، فأدانته وفضحته، وكذّبتْ ببيانها العلوي كلامه حتى أعيته، وبيّنتْ له أنّ دماء السبط الشهيد لا تزال تغلي، وستزلزل كيانه، وتهدم أسس بنيانه، حتى حار في أمرها، ولم يكنْ لديه ما يردّ به على منطقها. وواصلتْ مولاتنا رحلة نضالها بعزم لا يلين، وقصدتْ كربلاء لزيارة الأربعين، وأوصلتْ إلى كلّ العالم بكلّ إخلاص صدى نهضة الإمام الحسين (عليه السلام). فتعلّمي منها يا نور العين درس الإيمان واليقين، فهو سرّ ثباتها، ووقود حركتها في ليلها ونهارها، هو الذي منحها القوة لتقود الركب وتقارع العدوّ في رحلةِ سبيها، حتى بدّدتْ أحلامه وأُسقِط ما في يده، وتهاوتْ أمامَ ضياء إيمانها وكلماتها كلّ أمنيّاته، وتحوّلتْ حلاوة النصر العسكري إلى علقم في فم الرجس الدعيّ. وكي تصلي يا أملي إلى ذلك، لابُدّ من أنْ تنظري عبر العدسة الزينبية، فيكون همّكِ رضا مولاكِ، والاعتصام بحبل سادات البرية، وتحكيم الشريعة الإسلامية في كلّ مفاصل حياتكِ؛ لتصبغها بصبغة إلهية. فمن الظلم لنفسكِ يا بنتي أن لا ترتبطي بالحوراء زينب (عليها السلام)، ولا تكوني على الدوام في فضاءاتها، ففي سيرتها ترتع المكرمات، وعلى أعتاب ذكرها تتزاحم الكمالات، فاسعي ما أمكنكِ للوصول إلى ساحة فيضها، وانهلي من عبيرها ما يعينكِ على دنياكِ وآخرتكِ، كي تكوني أهلًا لنصرة إمام زمانكِ، واسألي نفسكِ: هل أنا على دربها؟ وهل تعني مودّتي لها إلّا الاستعداد لنصرة إمام زماني مثلما فعلتْ هي مع إمام زمانها؟!