رياض الزهراء العدد 209 شباك العنكبوت
خفوت الإبداعِ
يكاد يكون الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي خصّه الله (عزّ وجلّ) بتكوين مغاير، إذ أودع فيه العقل والقدرة على التحقيق، والسبر، والاستقراء، والتمييز بين الخير والشرّ، حتى عدّه بعض الفلاسفة وجهًا من وجوه الذات الإلهية المقدّسة، لكن على الرغم من بطلان هذا الرأي، إلّا أنّ هناك إجماعًا على أنّ الإنسان حامل أمانة الله سبحانه وتعالى، وهذه الأمانة أبت السماوات والأرض حملها، فحملها الإنسان؛ لذا لابدّ من معرفة الوجاهة التي جعلته مختلفًا عن باقي المخلوقات، وهي كونه يستطيع الخلق والإبداع، وهي المیزة التي يجب الالتفات إليها منذ الطفولة، فرعاية الجوانب الإبداعية عند الطفل في وقت مبكّر تدفعه إلى خلق تدفّق في مختلف الجوانب الضرورية التي تدفعه نحو اكتشاف طرق جديدة من أجل التغلّب على مطبّات الحياة وحلّ مشكلاتها، فنرى من الأطفال مَن يبدع في عمليات الحساب، وهناك مَن يبدع في التحليلات العلمية والهندسية، أو في الفنون والموادّ الإنسانية، وكلّها مسارات مهمّة تحتاج إليها التكوينة البشرية، وهذا كلّه يحتاج إلى خلق التحفيز من قِبل الأبوين عبر عملية التربية، إذ يخلق الطفل عالمه بشكل هادف في سنّ مبكّرة، وهذه الأحلام الطفولية الجذّابة تصنع مستقبلًا صحّيًا مليئًا بالمفاتن التي لا ندركها نحن الكبار! لكن هناك بعض المعوّقات التي تمنع كلّ هذا النجاح من التحقّق، من أهمّها شلّ الطفل والتقليل من نشاطه العقلي والحركي من جرّاء الإدمان على الأجهزة الإلكترونية، والألعاب غير المدروسة التي تحرمه من متعة التجربة والوصول إلى النتيجة. عالم طفل اليوم مليء بالعيوب، حيث يقضي الطفل جلّ وقته في العوالم المجازية، بدلًا من ممارسة الألعاب الحركية التي كان يمارسها الأطفال على طول التاريخ، وما يزال بإمكان الآباء أن يكونوا مصدر إلهام لإبداع أطفالهم إذا ما قاموا بمساعدتهم بالشكل الصحيح، فهناك عدّة فعّالیات يمكن ممارستها في البيت، تملأ وقت فراغ الأبناء عندما لا ينشغلون بالهواتف النقّالة: ١- المساعدة في تدبير أمور البيت. ٢- تعلّم بعض المهارات والحركات الرياضية. ٣- إعداد بعض الأطعمة الصحّية، كالسَلَطة، وأنواع الحساء. ٤- تعلّم بعض المهارات الاجتماعية، من قبيل كيفية الحديث عن موضوع معيّن. ٥- زراعة وردة والاهتمام بها. ٦- ممارسة الألعاب المفيدة، وهناك الكثير منها، فمنها ما هو حركي، ومنها ما يحفّز الذهن، وينمّي الذكاء. ٧- تنمية المهارات الفنّية، كتحسين الخطّ. ٨- تنمية المهارات اللغوية، كالتشجيع على الإلقاء وتجويد القرآن. ٩- تنمية المهارات الحسابية عبر بعض الألعاب التي تشجّع على ذلك. ١٠- تنمية مهارة الرسم بالألوان المائية أو الأكريلك، وغيرها. ١١- الاهتمام بالتزيين والتصميم، وتنمية الذوق في هذا الجانب. ١٢- تعلّم لغة جديدة. وهناك العشرات من الأنشطة التي تنمّي الإبداع لدى الطفل الصغير، وتكون مصدرًا لإلهامه والابتعاد عن الهواتف، وغيرها من الأجهزة.