شَهادة الإمامِ الحسن المجتبى (عليه السلام): إحياء وحياة

فاطمة نعيم الركابيّ/ ذي قار
عدد المشاهدات : 99

تميّز أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بِسِمة الحزن لكثرة الظلامات التي جرت على أئمتهم، وهذا الحزن ليس موروثًا اجتماعيًا، بل هو ثقافة تكشف عن وعي القائمين عليها، ووفاء الملتزمين بها لمَن يوالون، وقد رُوي عن قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "اتّقوا الظلم، فإنّه ظلمات يوم القيامة"(١)، فالذي لا يعبّر عن اعتراضه بحزنه على مستوى إظهار مشاعر الرفض لأيّ ظلم يراه أمامه أو يسمع عنه، فهو مُشوّه الوجدان، ومعرّض لطمس فطرته التي جُبِلتْ على رفض الظلم وإدراك قبحه، وأثر ذلك أنّه يتقبّل وجود الظالمين الذين يقدمون على قتل أولياء الله، فالظالم لا يصدر عنه عِداء إلّا تجاه مَن يخالفه، فهي حرب قائمة منذ أول الخليقة، ومستمرّة إلى ما شاء الله، فكيف إذا كان الظلم واقعًا على إمام معصوم، منصوب من قِبل الله تعالى ليكون سراجًا منيرًا للكون بكلّ موجوداته؟ تُرى، كم على الإنسان أنْ يتأثّر وجدانيًا لفقد الإمام المعصوم ظلمًا؟! وكم عليه أنْ يسعى إلى تعريف الآخرين بالمعصوم عَبر إحياء ذكره وأمره؛ ليكون تعبيرًا عن سلامة فطرته ووعيه. ونجد أنّ هناك تقصيرًا كبيرًا من قِبل الموالين بشأن معرفة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وسيرته، ممّا سبّب قلّة الوعي بعظمة هذا الإمام الهمام، ومدى حاجتنا لإحياء أمره (عليه السلام)، ابتداءً بإظهار الحزن والتفجّع على مظلوميته من جرّاء جهل أصحابه به قبل أعدائه، ثم علينا الانتهال من أنواره المتمثّلة بسنّته الشريفة قولًا، وفعلًا، وتقريرًا؛ لنحظى بالكرامة عند الله تعالى، فلو تأمّلنا ألقابه الشريفة، فسنجد أنّ أشهرها هو (المجتبى)، وفيه إشارة إلى مقام الحجّية على الخلق جميعًا، لكن نجد تصرّف بعض أصحابه (عليه السلام) بعد قبوله الصلح مع معاوية ما يبيّنه النصّ الآتي، ينمّ عن جهل ذريع بمقام الإمام الحسن (عليه السلام): (فبينا الحسن يكلّم حِجر بن عدي، إذا برجل من أصحابه قد دخل عليه يُقال له سفيان بن الليل البهمي، فقال له: السلام عليكَ يا مذلّ المؤمنين، فلقد جئتَ بأمر عظيم، هلّا قاتلتَ حتى تموت ونموت معك"(٢)، فهذا المتكلّم كان من أصحاب الإمام (عليه السلام) وليس من المخالفين، إلّا أنّ جهله أوصله إلى الاجتراء على حجّة الله على عباده، الإمام المفترض الطاعة. في استذكار هذه الظلامة ومثيلاتها، والتفاعل معها وقاية لنا من الوقوع في نظيرها مع إمام زماننا (عجّل الله فرجه)، سواء في غيبته أو عند ظهوره، ولا نخرج عن التسليم لقيادته وطاعة أوامره. إذًا لابدّ لنا من أن ننهض بحمل مسؤولية إحياء أمر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) حتى نصل إلى مستوىً نكون فيه نِعم الشيعة له، نجزع على فقده، ونحزن لمصيبته مثلما نحزن لمصاب الإمام الحسين (عليه السلام)، فذكرى شهادة إمامنا الحسن (عليه السلام) إحياء للشعائر، وشعور بالحياة التي ترفض الظلم، وتدافع عن المظلومين. .................................................. (١) وسائل الشيعة: ج16، ص ٤٦. (٢) موسوعة كلمات الإمام الحسن (عليه السلام): ص ١٣٩.