رياض الزهراء العدد 209 طفلك مرآتك
وما أدراك ما العطش
العطش أو الجفاف وأشدّه الظمأ يعني نقص الماء في الجسم وحاجة الإنسان إلى الارتواء، والمعروف علميًا أنّ الماء هو المكوّن الرئيس للدم وأعضاء الجسم كافة، وأنّ كلّ خلية وكلّ عضو في الإنسان يحتاج إلى الماء كي يؤدّي وظائفه لتبقى درجة حرارة الجسم طبيعية ويتحسّن عمل الدماغ، مثلما يسهم الماء بالتخلّص من السموم والفضلات، لكن ماذا لو فقدت الجسم السوائل لسبب ما، مثل المرض كالإسهال والتقيّؤ أو الامتناع عن شرب الماء، هنا تبدأ المشاكل الصحّية، مع ظهور العوارض التي تؤدّي إلى الوفاة أحيانًا إذا لم يتمّ التدخّل من أجل العلاج، ومن عوارض الجفاف والعطش: • جفاف الفم واللسان. • سرعة ضربات القلب، وسرعة التنفّس. • الشعور بالدوار، والحمّى، وفقدان الوعي. من هنا يستوقفنا مشهد عطاشى كربلاء، لاسيّما الأطفال الذين بعطشهم المقدّس وهبونا الحياة. نعم، إنّ العطش كان من أبرز ملامح الألم في واقعة كربلاء، فالأطفال تعرّضوا إلى الترويع بقسوة ووحشية، وتمّ حرمانهم من الماء إلى أن قضى ساقي العطاشى المولى أبو الفضل العبّاس (عليه السلام)، ولم يتمكّن من إيصال الماء إلى الأطفال الذين كانوا يصرخون من شدّة العطش، فذاق الأطفال الوجع وعانوا الألم من العطش، فضلًا عن الحرّ الشديد، وتفنّن بني أمية بتعذبيهم بشكل لا يتصوّره العقل. أجل، إنّ عدم الارتواء ومنع الماء عن عيال الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن شعورًا بالعطش فقط، بل يعني وجوهًا شاحبة، وأجسامًا منهكة ضعيفة، وشفاهًا جافّة ذابلة، وجفاف في الجسم، وماذا عن حال الأطفال الرضّع الذين جفّ لبن أمّهاتهم، فعانوا الجوع والعطش معًا، كـ(عبد الله) الرضيع الذي لم يشرب الماء لثلاثة أيام، وقد جفّ لبن أمّه (الرباب)، وكان يتلظّى عطشًا، وبدلًا من أن يُسقى ماءً، ذبحه الأعداء من الوريد إلى الوريد ليشرب من كأس جدّه الأوفى. إلى يومنا هذا يذكر الموالون عطش الحسين (عليه السلام) عند شرب الماء، ويلعنون من ظلمه، ويردّدون السلام على الشفاه الذابلات، فإنّ العطش أوجع قلب سيّد الشهداء (عليه السلام)، فكان في أحشائه كالنار الموقدة، وكان العطش في قلوب الأطفال والعيال يغلي في جوفهم، فالسلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين (عليهم السلام).