الإمام الباقر (عليه السلام) خازن العلمِ
حياة الأئمة (عليهم السلام) مصدر إشعاع للفكر والحياة، ومنبع الحكمة، وشعلة النور والهداية التي تمدّ الأمة بالإيمان، والصدق، والعقيدة الحقّة؛ لأنّهم سبل النجاة، ولم تعرف البشرية أعظم من أهل البيت (عليهم السلام)، فلا يصل أحد إلى مقامهم ولا يرتقي إلى مكانتهم، وكان الإمام الباقر (عليه السلام) له النصيب الأكبر من بعد ولده الإمام الصادق (عليه السلام) من حيث نقل أحاديثه وتدوينها من قِبل الرواة، وها هي كتب الحديث والفقه والأخلاق والتفسير مليئة برواياته، فكان القائد والرائد للحركة العلمية والثقافية التي عملت على تنمية الفكر الإسلامي الأصيل، وهو الذي أرسى قواعد المدرسة الجعفرية، وكان الإمام الصادق (عليه السلام) خليفته من بعده. اجتمع نور الإمامين الحسنين (عليهما السلام) في باقر العلوم (عليه السلام)، فورث مواريث أجداده الطاهرين (عليهم السلام)، ولم تكن الفرصة سانحة أمام الأئمة (عليهم السلام) لبثّ علومهم بسبب الظروف السياسية آنذاك، لكن بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وبداية ظهور الفرق الضالّة، بدأ الناس بالالتفاف حول الإمام السجّاد (عليه السلام)، غير أنّ الظرف السياسي آنذاك كان في أوج قوة الحكم الأموي واضطهادهم لأهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، فلم يسع الإمام (عليه السلام) من بثّ علوم أهل البيت (عليهم السلام) بشكل صريح، إلى أن تهيّأت الظروف سياسيًا للإمام الباقر (عليه السلام)، فبقر العلم وشقّه، وأفصح عنه، وهذا ما كان يقصده رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديثه مع جابر بن عبد الله الأنصاري عندما سمّى سبطه بـ(الباقر) بعد أن حمّل الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري أن يبلغه السلام، فلمّا وُلد الإمام الباقر (عليه السلام) ظلّ جابر يتردّد إلى المدينة متلهّفًا لرؤية وريث النبيّ (صلّى الله عليه وىله) حتى التقى به ذات يوم في إحدى طرقات المدينة، وقال: "بأبي أنتَ وأمّي، أبوكَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقرئكَ السلام"(1). ............................. (1) الكافي: ج1، ص470.