الصِّدّيقَةُ الطّاهرَةُ.. مِرآةُ الحياةِ وحَياةُ المَرأة

العلوية رفاه مهدي علي/ماجستير علم نفس تربوي
عدد المشاهدات : 183

الدور الاجتماعي: يمكننا القول إن علاقة الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام) بالمجتمع كانت مبنية على محورين: محور مباشر، ومحور غير مباشر كالآتي: 1- المحور غير المباشر (الروحي): كانت الصديقة الطاهرة (عليها السلام) تركّز على البعد الروحي في المجتمع، والشواهد على ذلك كثيرة، منها ما نقله الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عندما رآها (عليها السلام) في محرابها ليلة جمعتها راكعة ساجدة, حتى اتضح عمود الصبح وهي تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها, وحينما استفهم منها عن سبب ذلك أجابته قائلة: "الجار ثم الدار"(1), وفي رواية أخرى أنها عندما سمعت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أن يجعل مهرها من الدراهم اغتنمت الفرصة, فقالت لأبيها: إن بنات الناس يتزوَّجن بالدراهم، فما الفرق بيني وبينهن؟ أسالك أن تردّها وتدعو الله تعالى أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أُمّتك، فنزل جبرائيل ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: "جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أمة أبيها"(2), بل وقدَّمت الصديقة (عليها السلام) خير تراث لبناء المجتمعات وتربيتها روحياً، عبر المنهاج الروحي العظيم الذي جاء في أدعيتها الشريفة التي تقود إلى السمو الروحي. 2- المحور المباشر (والميداني): كانت (عليها السلام) في تعاملها مع الآخرين عالمة آل محمد (صلى الله عليه وآله), وكان بيتها مدرسة لتعليم النساء المؤمنات وتغذيتهن بالمعارف الإسلامية(3), فقد ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام), أنه حضرت امرأة عندها (عليها السلام) فذكرت لها ضعف والدتها وما يؤديه هذا الضعف من التباسها في أمر صلاتها، فأجابتها (عليها السلام)، فَثَنَّتْ السائلة بسؤالها ثُم ثَلَّثَتْ إلى أن عَشَّرَتْ، فَخَجِلَت من كثرة أسئلتها, فأجابتها (عليها السلام) بأنه هاتي وسلي عمّا بدا لك, وبينت لها مقدار أجرها وثوابها على إجابتها(4). يزداد على ما تقدّم خطبتها الغراء التي تكشف عن حجم استيعابها ومدى رسوخ قدمها في نهج الرسالة. أمّا الجانب الإيثاري فقد كان بيت الزهراء (عليها السلام) مأوى وملاذاً لكلّ ذي حاجة في المجتمع، فما كان أحد يقصد دارها ويعود خائباً، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا قصده صاحب حاجة بعثه إلى دار الزهراء (عليها السلام) لعلمه أنها لا تردّ أحداً، وقصّة عقدها المبارك الذي تصدّقت به دليل على ذلك، فضلاً عن قصّتها في إطعام الطعام على حبّه للمسكين واليتيم والأسير، وتصدّقها بثوب زفافها، وغير ذلك مما لا يسع المقام ذكره. .............................. (1) ميزان الحكمة: ج3، ص211. (2) فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: ج1، ص88. (3) سيدة النساء فاطمة الزهراء: ج1، ص26. (4) فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: ج1، ص140.