رياض الزهراء العدد 84 بحوث إسلامية
حجابُ المرأةِ
قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)/ (النور:31) حجاب المرأة في الدنيا هو حجاب من النار في الآخرة، فالحجاب الحقيقي تاج على رأس المرأة، وما الزينة في ظاهرها إلا قشوراً تزول شيئاً فشيئاً، ولا تُضيف شيئاً في شخصية صاحبها، أما الزينة الحقيقية فهي الزينة التي تمنح صاحبها سمواً وهيبة تُعلي من شأنه، وما ذلك إلا بفضل تمسكه بالدين والأخلاق الحسنة. لذا وَجَبَ على المرأة الالتزام بالحجاب، وسائر التكاليف الشرعية عند إكمالها السنة التاسعة القمرية، وهي ثماني سنين وثمانية أشهر وعشرون يوماً بحساب السنة الميلادية. أمّا حدود الحجاب الشرعي فعلى المرأة ستر كلّ جسمها عن الأجنبي إلا الوجه والكفين من دون تزيين، فإذا خافت الوقوع في الحرام وجب عليها ستر الوجه والكفين أيضاً، كذلك على المرأة ستر القدمين جميعهما عن الأجنبي. وقد رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: “دخلت أنا وفاطمة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوجدته يبكي بكاءً شديداً فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك؟ فقال: يا عليّ ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن، ورأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها...” لأنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، “ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها...” لأنها كانت تزين بدنها للناس، “ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار...” لأنها تعرض نفسها على الرجال.(1) وأنه قال (عليه السلام): “ يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات, من الدين خارجات, في الفتن داخلات مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلات المحرمات ، في جهنم خالدات .”.(2) عزيزتي أن الغرب واليهود يريدون من المرأة المسلمة أن تقلد المرأة الغربية في سفورها وتركها للحجاب، ويروّجون لهذا الأمر في إعلاناتهم ومسلسلاتهم المدبلجة والأفلام الخليعة والمواقع المشبوهة على الشبكة العنكبوتية. فاحذري أختي المؤمنة من تقليد هؤلاء، ولا تكوني جزءاً من المخطط اليهودي الذي يهدف إلى سلب المرأة المسلمة قوتها وعفتها عن طريق نزع حجابها، أو الترويج لحجاب ناقص لا يسترها ويخرق حصن حجابها الذي حث عليه الإسلام. ولعلّ في مقولة رئيس وزراء بريطانيا حقيقة نغفل عنها تكشف أبعاد المؤامرة التي تُحاك ضد الإسلام، إذ يقول: لن يستقيم حالنا في الشرق ما لم يُرفع الحجاب عن وجه المرأة المسلمة ويُغطى به القران..، فما دام هذا القران موجوداً في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا تكون هي نفسها بأمان. إن الغرب يمتهن المرأة ويعرضها كسلعة تُباع وتُشترى في سباقه المحموم من أجل المال، وينقل محمد رشيد العويد في كتابه (رسالة إلى حواء) قصة فيقول: في عام 1969م بينما كان أحد ملوك الماكياج يتنزه مع صديق له في حديقة الحيوان رأى الصديق قرداً حول عنقه ألوانٌ دائرية، فأشار الصديق إلى القرد وظل يضحك، فنظر إليه ملك الماكياج، وقال له: ما رأيك لو جعلنا المرأة سنة 1970م بهذه الصورة؟ فقال الصديق: هذا شيء غير ممكن، فمَن من النساء تقبل بهذا المنظر المضحك؟ فردّ ملك الماكياج: أنا أملك أن أجعلها تلهث وراء هذا الشكل، وكان الرهان بينهما، ثم كانت الحملات الإعلامية في جميع صفحات المرأة، والإذاعة والتلفزيون، ولم ينقضِ عام 1970م حتى كانت المرأة المقلدة تضع حول عينيها ألوان قوس قزح، وكسب ملك الماكياج الرهان. إذن أختي العزيزة لا تجعلي هؤلاء الشياطين يغدرون بكِ، فأغلب دور الأزياء والموضة تموّل من الرأسماليين اليهود الذين وجدوا في بلادنا أسواقاً استهلاكية لهم. إن دعاة الضلالة والفساد يحاولون تشويه الحجاب بزعم تخلف المرأة وتقييد حريتها وتشجيعها على التبرج والسفور، وهم لا يريدون بذلك مصلحة المرأة كما تعتقد بعض الساذجات وإنما يحاولون تدمير المرأة والقضاء على حيائها وعفتها. فكوني معتزة بدينك ومتمسكة بحجابك ولا تنخدعي بكلام هؤلاء، فحجابك عنوان إيمانك وطاعتك لله (عز وجل) ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وما تساهلت امرأة بحجابها إلا تعرضت لسخط الله (سبحانه وتعالى) وعقابه، وما حافظت امرأة على حجابها إلا ازدادت رضاً وقرباً من الله (عز وجل). ولتجعلي السيدة الزهراء (عليها السلام) قدوة لكِ في حجابها، فقد كانت لا تخرج من بيتها إلا والعباءة تستر جميع جسدها من الرأس إلى القدم واعلمي أن التزامك بحجابكِ يدخل السرور على قلب صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وبرضاهم تفوزين برضا الله (عز وجل). ولتذكري وحشة القبر وظلمته والوقوف بين يدي الله (عز وجل) وأهوال يوم القيامة والحساب والميزان، ثمّ جهنم وما أعدّ الله (عز وجل) فيها من العذاب الأليم لمن عصاه وخالف أوامره. .................................... (1) موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام): ج6، ص318. (2) وسائل الشيعة: ج14, ص18