رياض الزهراء العدد 84 شبهات قانونية
سعادةُ الإنسانِ في تطبيقِ حُكمِ القرآنِ
إن القانون السماوي الإلهي هو القانون الذي يحصن البشر ويحفظه ويحميه من التدهور والرجوع إلى الوراء، وهو الوحيد على مرّ العصور الذي يكفل الحياة السعيدة للإنسان فجميع القوانين من سلالة حمورابي ثم القانون الروماني والقانون الفرنسي اللذين هما في واقعهما تطوّر تدريجي حصل عن القانون البابلي أو ما يسمى بقانون حمورابي قوانين مع تطوراتها لم تعالج أي مشكلة من مشاكل الحياة الاجتماعية والحياة الأسرية ومشاكل الإنسان نفسه، بل كلّ ما نراه اليوم من فساد أنضمه وتدهور شعوب وانحطاط خلقي هو نتيجة لما يعمل بمثل هذه القوانين وتطبيقها؛ لأن هذا القانون من صنع البشر، فمهما بلغ الإنسان من الكمال والرقي والتطور في الجوانب العلمية والصناعية والتقنيات الحديثة، فهو قاصر وسيبقى قاصراً إلى الأبد في تشريع قانون متكامل من جميع الجوانب ذي جنبات أخلاقية وروحية متكاملة، وذلك يعود إلى نقص مصدره، وعدم نزاهة واضعة، وعجزه وقصوره عن الإحاطة بجميع الجوانب النفسية والحياتية للإنسان وكيفية تعامله مع أفراد النوع من غيره وتحديد سلوكه ورسم طريقه. فهو بهذا يعد شريعة ناقصة لا تفي بالغرض المطلوب قياساً بقوانين الشريعة الإسلامية النابعة من القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ومصدرهما هو الوحي المنزّل من الله (سبحانه وتعالى) الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والعالم بما كان أو يكون، لكنا نرى أن هذه الشريعة المتكاملة ذات السنن الإلهية الوضاءة قد قلّ ضوؤها كثيراً، ولم نرَ لها تطبيقاً لأحكامها وقواعدها، وهي تشتكي إلى ربها وتبكي من هجرانها حتى عدت من بين مصادر التشريع التطبيقية في محاكم البلدان الإسلامية، وأخذت تحتل المرتبة الرابعة أو الثالثة في التطبيق بعد التشريع الوضعي والعرف والأحكام القضائية فقد اقتبست هذه الدول قوانينها من القانون الفرنسي المستمد أصله من القانون الروماني القديم، وجعلت من القرآن مصدراً يرجع إليه بحسب المزاج والمرام حينما يتناسب العمل به مع ما يوافق الرغبات، فيرجع إلى حكمه إذا لم يوجد في قانون البلد أو في الأحكام العرفية أو في الأحكام القضائية نص يستفاد منه لحكم واقعة معينة، وهذه هي الجاهلية بعينها قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون)/ (المائدة:50)، وقال سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في صرخته التي دوّت في الآفاق “ألا ترون الحق لا يعمل به، والباطل لا يتناهى عنه”(1)، فها هو الإمام الحسين (عليه السلام) يستصرخ الضمير الحي لينهض بواقع الأمة الإسلامية كي تعود لها حياتها الحقيقية التي كانت عليها في عصر الرسالة بتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية الغرّاء، ويعود بذلك لها مجدها ورفعتها وحياتها التي كانت عليها في زمن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) فعلى كلّ مسلم الالتفات إلى ذلك، واللجوء إلى تطبيق الحكم الإسلامي الشرعي، وعدم الرجوع إلى الحكم القانوني الوضعي المخالف لرأي الشريعة الإسلامية. ................................. (1) بحار الأنوار: ج44، ص192.