خيمة اللقاء الأخير: حيث تلتقي الأرواح وتنسج الذكريات

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 122

تحت الخيمة الكبيرة في مجمّع أمّ البنين (عليها السلام) الخدمي التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة، تجتمع نساء من كلّ حدب وصوب، متّحدات تحت راية الحسين (عليه السلام)، هنا في هذا المكان الذي يشعّ بالروحانية، تجد لكلّ واحدة منهنَّ مساحة خاصّة بها، هنا تتحوّل الحقيبة إلى وسادة، والكرسي يصبح سريراً، واليد المتعبة تجد في كتف الصديقة ملجأً، إنّها محطّة الاستراحة في رحلة الأربعين. في أرجاء الخيمة، تتجلّى مشاهد من الحبّ والإيثار، سيّدة تقف عند المدخل، تحمل أقداح الماء، تبتسم لكلّ مَن تمدّ يدها لتروي عطشها، امرأة أخرى تقيم مجلس عزاء، تتردّد كلماتها المفجعة في أنحاء الخيمة، كأنّها تواسي القلوب الحزينة، في زاوية أخرى، امرأة تعطّر الجوّ بروائح زكية، تجعل من المكان موطناً للسكينة والطمأنينة. وبينما تغمر الخيمة أصوات الدعاء والذكر، يلفت الانتباه طفل صغير يتجوّل في أرجائها، عيناه تلمعان بالفضول، يتطلّع إلى كلّ شيء وكأنّه يسجّل ذكريات خاصّة به، ذكريات ستبقى معه ربّما إلى الأبد، إنّه يستشعر شيئاً مميّزاً في هذا المكان على الرغم من صغر سنّه. الجميع يدرك أنّ هذا هو اليوم الأخير في الخيمة لهذا العام، الوجوه تملؤها مشاعر متباينة، بين الفرح للاقتراب من الحرم المقدّس، وبين الحزن لأنّ الرحلة اقتربت من نهايتها، لكن هناك يقين يملأ قلوب الجميع: العودة في العام القادم بإذن الله تعالى، محمّلين بالمزيد من الذكريات والقصص التي ستُسجّل هنا، تحت خيمة الحسين (عليه السلام).