رياض الزهراء العدد 210 التوفيقات الإلهية
التوفيقات الإلهية
الوالدان هما السبب الإلهي الذي يوصلنا بالسماء، وفي رضاهما تتجلى هبات الله تعالى وتنعكس على حياتنا، فتجعلنا متوهجين مفعمين بالحياة والاطمئنان النفسي. الكثير منا يعرف أثر طاعة الوالدين في رضا الله تعالى، مثلما تشير الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ففي قوله تعالى: )وقضى ربك ألا تعْبدوا إلا إياه وبالْوالديْن إحْسانًا( (الإسراء:23)، قد جعل الله (عز وجل) مكانة الإحسان إلى الوالدين بعد عبادته تعالى، وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "بر الوالدين أكبر فريضة"(1)، والكثير من الأحاديث تحث على طاعة الوالدين لنيل رضا الله برضاهما، لكن القليل ينتبه إلى آثار طاعة الوالدين، وانعكاسها على حياته بشكل جلي. تقول إحدى المؤمنات إن زوجها يحدثها دائمًا عن والده ويقول: والله إني ما رأيت خيرًا أو راحةً في حياتي إلا بدعاء أبي لي، فو الله لو تكالبت علي الدنيا بهمومها وأحزانها، ما ازددت إلا رضًا وسعادةً. واليوم نحن نريد أن نعرف كيف نثبت هذا الوثاق الإلهي ونعمل على ديمومته؛ كي نحظى برضا الله (عز وجل) وتوفيقنا الدنيوي والأخروي. يشتمل هذا الأمر على إطاعة الوالدين، وبرهما، والإحسان إليهما، والدعاء لهما في السر والعلن في حياتهما وبعد مماتهما، وعدم الإساءة إليهما بالقول والفعل، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "أدنى العقوق أف، ولو علم الله (عز وجل) شيئًا أهون منه؛ لنهى عنه"(2)، ولو علم الإنسان ما في طاعة الوالدين من خير؛ لبقي طوال أيام حياته يعمل على خدمتهما وبرهما، وبذلك فهو يملك جوازًا لدخول الجنة، ومن النعم التي ينالها هو حصوله على أولاد بارين به، فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "بروا آباءكم يبركم أبناؤكم"(3)، فنجاتنا وسعادتنا مرتبطة بوجودهما معنا، وحبهما لنا وحرصهما علينا حتى كبرنا وأصبحت حياتنا مقترنة بهما وبوجودهما، فمن يشقى لكي ننعم، ومن يسهر لكي نكبر، ومن يفنى لكي نبقى هما الوالدان، فلا ينبغي أن نفتر عن الدعاء بأن يجعلنا الله تعالى من البارين بهما، ومن تقر أعيننا برؤيتهما في الجنة وهما راضيان عنا. ................................ (1) ميزان الحكمة: ج4، ص3674. (2) الكافي: ج2، ص348. (3) بحار الأنوار: ج 68، ص270.