ابنتي من قدوتك
بنيتي الرقيقة، يا أجمل صديقة، اعلمي يا عزيزتي أننا جميعًا نحتاج إلى القدوة الحسنة التي نقتدي بها في أبواب الخير، ونرسم عن طريقها خطواتنا، ونتسنم القمم بضياء تعاليمها، فنترفع عن السفاسف، ونرغب في معالي الأمور، نتعلم منها كيف نحيا حياةً طيبةً مفعمةً بالإنجاز والسلام، حياة يسودها الود والاحترام، عنوانها حب الله جل في علاه، وغايتها رضوانه، ودليلها ومنارها أحب الخلق إليه، ومن دون كل عباده اصطفاه واجتباه، ثم من أكمل دربه وسار على نهجه، أهل بيته وعترته وقرباه. يتتلمذ المرء منا في مدرستهم، ويتلقف بكل وجوده فيض ألطافهم، يستمع بكل خشوع لكلماتهم، ويأخذ بهديهم وتوجيهاتهم؛ ليقينه أنهم أبواب الله تعالى والأدلاء عليه، وسفن النجاة التي توصله إلى السعادة، وتحميه من كل سوء يؤذيه، أو خطر يشقيه، أو ذنب يرديه، ولذا وجهنا الله تعالى في كتابه الكريم إلى الاقتداء برسوله وخاتم أنبيائه: )لقدۡ كان لكمۡ في رسول ٱلله أسۡوة حسنةٞ لمن كان يرۡجواْ ٱلله وٱلۡيوۡم ٱلۡأٓخر وذكر ٱلله كثيرٗا( (الأحزاب:21)، فالنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أسوة عملية حسنة بتزكيةٍ وشهادةٍ ربانيةٍ، هو من كان خلقه القرآن، بمعنى أنه جسده في عمله وسلوكه، وأبرزه في هديه وسيرته، وهكذا هم أهل بيته، ومن هنا لا ينبغي لنا أن نتخبط في مسيرتنا بعد وجود هذا المنار العظيم في حياتنا، ولابد من أن نحذر من كل قدوة يسوقها إلينا أعداؤنا، فالعدو يا بنتي جند ماكنته الإعلامية لصنع قدوات وهمية، وبثها بين الأوساط الشبابية، بعد أن أظهرها بمظهر الجمال، والكمال، والسعادة، والرفاهية، وأقام لها المهرجانات والفعاليات التي تسلط الضوء عليها، وتصنع منها رموزًا لكل شبابنا لإبعادهم عن القدوات الحقيقية، والسعي لمسخ الهوية. فاحذري يا بنية من أبواق هذه الفتن الإبليسية، وتمسكي بحبل النجاة الذي يجعلك في أمان من كل هذا الغثاء الذي عجت به المجتمعات. غربلي كل وافد إليك، ولا تقبلي منه شيئًا إلا بعد إعمال عقلك؛ فقبول الأمور بدون تفكير، بخس للعقل الذي ميزنا به الله تعالى عن سائر المخلوقات. اسعي قدر استطاعتك إلى الاقتراب من ساحة الصالحات الموجبة لرفعتك، وكوني قدوة حسنة لسائر أخواتك عبر الارتقاء بشخصيتك، والتخلق بأخلاق النبي وعترته (عليهم الصلاة والسلام)؛ لتكوني أهلًا للتأثير في زميلاتك ممن في عمرك، وأكثري من التوسل بخالقك في أن يجعل التوفيق والسداد حليفك في كل خطواتك، حتى تكوني قرة عين لإمام زمانك (عجل الله فرجه).