لَحظَةٌ مِن فَضلِكُما_الصّمتُ بينَ الأَزوَاج

آمال كاظم عبد
عدد المشاهدات : 145

بعض الناس يسميه الخرس الزوجي، وبعضهم الآخر يسميه الطلاق أو الانفصال الروحي، وقد تصدمنا هذه المسميات التي تتصف بالقساوة نوعاً ما، إلا أنها تصف حالة الأزواج الصامتين بكلّ موضوعية، فالصمت هو السلاح الفتّاك الذي ينهي العلاقة الروحية بين الزوجين، ويطلق عليها رصاصة الموت، فالكثير من الأزواج لا يعير أهمية الجوانب الروحية والنفسية للمرأة بقدر ما يهتم بتوفير الاحتياجات المادية الضرورية للحياة، ويعدّ تلك الجوانب من الكماليات، وأنه من الناحية الشرعية غير محاسب، متناسياً أن الله (عز وجل) قال في كتابه الكريم:(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)/ (الروم:21). فهل أن السكن النفسي والمودة والرحمة ليست من الجانب الروحي؟ إن أكثر الرجال لا يحبذون الكلام الكثير ويكتفون بالصمت؛ لأنهم يعبّرون عن مشاعرهم بطريقة عملية، وهذا التصرف العملي لا يقنع الزوجة؛ لأنها تحتاج إلى سماع الكلام العاطفي الذي يتناسب مع طبيعتها، والذي يوّلد في داخلها السكن الروحي والهدوء النفسي، فإذا فقدت هذا الجانب فستفقد الاستقرار العاطفي مما يجعلها دائمة الاضطراب لا تهدأ، وتحاول أن تبحث عن البديل عن طريق كثرة الكلام، والتحدث إلى صديقاتها أو أهلها أو الجيران أو تصفّح المواقع الاجتماعية التي انتشرت بكثرة في مجتمعنا بشكل خطير، ومع ذلك لا تستطيع ملأ الفراغ الذي يسبّبه ابتعاد الزوج عنها روحياً. قد يصمت الزوج؛ لأنه يريد تفادي المشاكل والخلافات، وهذا يجعل حلّ تلك الخلافات معلقاً، مما يسبب ازدياد الفجوة العاطفية بينهما فتتولد مشاكل جديدة تُقابَل بالصمت أيضاً، وهذا يؤدي إلى تراكمات من الصعوبة إزالتها، فتبقى علاقتهما مستقرة ظاهرياً، لكنها تشتعل باطنياً وكأنها حرب داخلية، فيتجنب الاثنان التكلّم في المشكلة خوفاً من انفجار ذلك البركان الداخلي، وهذا خطأ الزوج الذي يعتقد أن الصمت حلّ للمشاكل، بينما هو في الحقيقة هروب منها. وحينما يصمت فإنه يجبر الزوجة تلقائياً على مقابلته بالمثل، حينما ترى أنه لا يجيبها، فتشعر بأنها أمام جدار كونكريت لا يمكن اختراقه، فيتسلل اليأس إلى نفسها من تغيّر هذا الواقع المفروض عليها، فتضطر إلى التزام الصمت كعقوبة نفسية للزوج. اعلما أيها الزوجان، أن الصمت بينكما في العصر الحالي يعدّ من أخطر الأمراض التي تصيب الحياة الزوجية إن صحّ التعبير، فعليكما احتواء بعضكما بعضاً بدلاً من البحث عن البدائل غير الصحيحة، فالآن ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي اجتاح حياتنا وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت بديلاً عن اللقاء المباشر بين الأهل والأقرباء، نرى الزوج والزوجة كلّاً منهما يُمسك بجهازه الحديث ولا يدريان عن البيت أو عن بعضهما شيئاً، ويهملون أطفالهم الذين هم منشغلون أيضاً بتلك المواقع سواءً أكانت مواقع محترمة أم غير محترمة، والكلّ يدور في دوامة ذلك العالم. فانتبه سيّدي وحافظ على عائلتك من الانهيار، وانتبهي سيّدتي وحاولي أن تجذبي زوجك بشتى الطرائق ولا تيأسي من عودته إليكِ، فأنتِ له كالأم، فكوني له أمّاً يكن لك كيفما تريدين.