رياض الزهراء العدد 211 التوفيقات الإلهية
الصبر على البلاء قوة وإِيمان
القوة لا تُعطى بالمجان، والسعادة لا تمنح لمَن يستحقّها بجدارة، كذلك الأمل يتعاطى الإيمان كي يتحلّى بالصبر، أمّا الفرج فمفاتيحه عند الله تعالى، أنْ تنسج بسمة من خيوط الألم وتخطّ كلمات الأمل من بريق العتمة، ثم تتسلّل داخل الخوف ولا يؤثّر فيكِ، بعدها تتّشح بالآهات حتى تصبح جزءاً منكِ حتى يرافقكِ الابتلاء أكثر ممّا ترافقكِ صديقة، أنْ تتلاحق سقوطكِ وتقول هيّا فلننهض من جديد، أنْ تتّكئي على نفسكِ وتتحدّي العجز. إنّ من أعظم الصبر وأقوى الإيمان عند الله هو الصبر على البلاء، مثلما أنّ للبلاء أنواعًا، ومنه ابتلاء المرض وتحمّل الألم بقلب مؤمن، فعن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "يُكتب أنين المريض حسنات ما صبر، فإنْ جزع كُتب هلوعًا لا أجر له"(1)، مثلما أنّ الله يبتلي مَن يحبّ ليرفعه بصبره وتحمّله أعلى الدرجات ويكفّر عن ذنوبه وسيّئاته، ويثقل ميزانه ويزيد حسانته. إنّ الأنبياء والصالحين تعرّضوا لابتلاءات دنيوية كثيرة، ما بين همٍّ، ومرض، وأذى، فعن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "ما أصاب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن حتى الهمّ يهمّه إلّا كفّر الله به عنه من سيّئاته"(2)، وعلى قدر تحمّلهم جازاهم الله من فضله جزاءً أوفى، وخير مثال على ذلك عندما اشتدّ الحزن والهمّ على نبيّ الله يعقوب قال: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (يوسف:86)، فالشكوى إلى الله سبحانه وتعالى هي بمنزلة الدعاء والتقرّب الروحي والنفسي إليه سبحانه، فما للإنسان عند الابتلاء إلّا أنْ يتوجّه إلى الله بقلب صبور راضٍ بكلّ ما قُدّر له، مؤمن بكلّ ما قد يكون، ذاكرًا قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (هود:١١٥)، وهنا لابدّ لنا أنْ نتذكّر أنّ للصبر فوائد عدّة، منها: - تزكية النفس البشرية وتهذيبها. - التقرّب والتضرّع إلى الله في كلّ وقت وحين، ليس فقط في وقت الشدّة والبلاء. - يوجّه الإنسان إلى التفكّر والتدبّر بنعم الله التي حُرم منها في هذا الوقت، ويشكر الله حقّ قدره واستحقاقه. ................................................ (1) دعائم الإسلام: ص٢٠٧. (2) تحف العقول: ص٣٨.