رياض الزهراء العدد 211 مرفأ الأمان
شفاء الروح
جلستُ أتأمّل تفاصيل حياتي: روحي، أمنياتي، ذاتي، معاناتي، تعثّر خطواتي، نفسي التي تزيد ظلمةً، إنّها تنطفئ شيئًا فشيئًا، لقد أدخلتُ نفسي في غياهب الألم، فزاد تشتّت أشتاتي، وتقطّعت قطع قلبي المتقطّعة، لاحظتُ تعثّر خطواتي المتعثّرة، أضعتُ وجهتي، ورفعتُ يديّ معلنة الاستسلام. وهنا كان يرعاني ربّي بحكمته وتدبيره لينتشلني بعد أنْ عرّفني أنّ لا شيء سوى قربه يشفي الأرواح العليلة من حبّ الناس والسعي وراء رضاهم، فتدخّلت النجدة الملكوتية، وفاض عليّ الإله بلطفه، ومحبّته، ورحمته؛ لأجد في آيات كتابه المنزل: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الأنفال:70)، فناجيتُ ربّي عن انكسار روحي، وشدّة ما وقع عليّ من ظلم البشر، ليجيبني: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (النور:15)، فعلمتُ كم يحبّني، فبدأتُ التقط أنفاسي كغريقة نجت للتوّ، الآن هدأت ضجّتي، وأرخيتُ قبضتي برضا، وتسليم، وحبّ، واطمئنان، لقد وجدتُ شفائي في ذكره، وزال ألمي بقربه. كيف لي أنْ أغفل عن جمال الباقي وأسعى وراء الفاني؟! الآن أيّتها الروح، حُدّدت الوجهة، فالشفاء، والهدوء، والراحة، والسكون، معه لا مع غيره، دعونا نبصر ونتفكّر بشرائعه؛ لنجعل رفيقنا كلامه سبحانه، وهمّنا رضاه، وأنْ ننشر حبّه في القلوب الساهية، فهو الدليل لمَن لا دليل له، وهو الأنيس لمَن لا أنيس له، وهو طبيب مَن لا طبيب له، وهو حبيب مَن لا حبيب له، وهو ذخر مَن لا ذخر له، وسند مَن لا سند له، في ذكره الشفاء والارتقاء، فيا الله هَبْ لنا نفوسًا راضية، وصدورًا من الهموم خالية، وقلوبًا بحبّكَ صافية، وأتمّ علينا العافية.