بنيتي وشكر المنعم

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 134

بنيتي الحبيبة: قد تحاصرنا أسوار الحزن، ويباغتنا الشعور بالألم، يتغلغل بقسوته وجفائه إلى سويداء القلب، وحينها يتردد في نظراتنا الحائرة سؤال ملح: لمن نلجأ في خضم هذه الأمواج الهادرة؟ فقلوبنا ذاقت مرارة الحرمان، وعيوننا ألفت البكاء في ظلمات الليالي بعد أن فقدت الاطمئنان، وأكفنا طرقت الكثير من الأبواب على أمل الخلاص من المعاناة، لكنها عادت بخيبة أمل وعجزت عن تحقيق ما تصبو إليه. وقبل أن يستولي علينا اليأس وتقتلنا الحيرة، تتهلل وجوهنا ببشارات الخير حين نسمع هتاف أرواحنا: اطرقوا أبواب القريب المجيب، الأرأف بكم من كل عزيز وحبيب، تأملوا نعمه، انكسروا في محراب عبادته، تنعموا بمناجاته، فتهرول أرواحنا إلى منهله، تستكين وتهدأ، فنزداد حبا وقربا، وهنا نتساءل في خجل: ترى كيف نشكر من أسدل ستره على خفايا عيوبنا، وأظهر جميل محاسننا؟ من أنعم علينا بنعم ظاهرة وباطنة؟ حينها تتغلغل آيات المنان إلى كل مسامات روح الإنسان، وإذا به يتجول في بساتين التأمل، ويقطف زهور التدبر من رياض القرآن، فيردد قوله سبحانه بكل خجل وعرفان: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفورٌ رحيمٌ (النحل:18)، فتأملي حالك يا زهرتي، وانظري كيف أنت عند توالي النعم عليك، فإن رأيت نفسك ذاكرة للنعم، شاكرة للمنعم، فاشكريه على عدم غفلتك عنه، ثم حافظي على ما عندك عبر التأمل، والتدبر، والتفكر؛ فهذه الأمور هي التي تجعل القلب ممتنا للرب، وممتلئا بالحب، وكل ذلك بلاشك سينعكس على حياتك وباطنك استقامة وصلاحا وتقوى وخجلا من أي معصية أو ذنب. ومن أدمن يا نور عيني التأمل في النعم، وأعقبها بالشكر لله تعالى ذي الجود والكرم، سيتحول إلى مخلوق مبارك، يفيض بالخير على من حوله؛ لأنه يرى كل ذلك من عطايا خالقه الذي اختصه وفضله، فهو من وهبه الأسرة، والأبناء، والأهل، والأصدقاء، والمسؤوليات التي ينبغي أن تؤدى مثلما يريد المنعم، ولا يتعامل معها بالمزاج والأهواء. فاحرصي يا وردتي على جعل أول كلمة تخرج من فمك عند استيقاظك صباحا: الحمد لله رب العالمين، وآخر ما تختمين به يومك مساء، التأمل في النعم والاستعانة به سبحانه؛ لشكر ذلك فهو خير معين. بهذا النحو يا عزيزة أمك ستغمرين بيتك بالسعادة والرضا بما أعطاك الوهاب؛ لإدراكك أنه تعالى قسم الأرزاق بين خلقه بحكمة وأسباب، وستتمكنين من إدارة بيتك وحياتك بنجاح، وسيكون لك في كل يوم خطوة نحو عوالم القرب والفلاح.