ماذا أفعل بأنفي الأجدع؟

زينب ناصر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 108

يعتقد (ألكسيس كارل) في كتابه المشهور (الإنسان ذلك المجهول) بأنّ المدنيّة لم تنفع البشرية بمقدار ما أضرّتها وهي فكرة تستحقّ المناقشة، إذ أثبت الإنسان أنّه قادر على التعايش مع بيئته في مختلف الظروف، فهل يا تُرى أنّه بحاجة إلى آلة فصل بياض البيض عن صفاره حتى يشتريها ويحتفظ بها في البيت؟ وكم مرّة سيحتاج للقيام بهذه العملية؟ وهل فكّرنا بكمّ الطاقات التي استُنزفت من أجل المصانع، واستهلاك الموادّ الأولية، وما أنتجته من مخلّفات مضرّة بالبيئة في إنتاج هذه الآلة، وهلّم جرًّا. لكن هناك قضيّة مهمّة، ألا وهي أنّ الإنسان كائن مبدع وسوف يخترع لكلّ حاجة آلة، وأنّه لا يتوقّف عند حدّ أبدًا في مختلف المجالات، ولا يُفرض عليه شيء مثلما يفرض الأنف الأجدع نفسه على صاحبه، ولا يمكننا التخلّص من القضية، بل لابدّ من مواكبتها، ومحاولة التأقلم معها، والخروج بأحسن الخيارات وأقلّها ضررًا، ومن أجل الوصول إلى هذه النتيجة يجب أن يصل الفرد إلى المستوى المطلوب من الوعي بالمضرّات والمنافع التي يكتسبها في أثناء ممارسته مهارة التعايش مع كلّ المتغيّرات اليومية، ومن أشدّ هذه المتغيّرات هي سطوة الأجهزة الإلكترونية التي باتت شيئًا بديهيًّا في كلّ أسرة، ويجمع على ذلك ساكنو الشرق والغرب، فكلّنا في الهوى سواء، والسؤال هو: ماذا نفعل، وما السبيل إلى التعايش مع الوضع الراهن؟ هل نرضخ لهذا العنصر المستبدّ والغازي الغاشم، أم نحاول مجابهته ونحن قلّة وقد نالنا الوهن من جرّاء السياسات المتخلّفة التي لم تسعَ إلى زيادة وعي المواطن في هذه المجالات؟ بالتأكيد يستطيع الإنسان الذكي أن يقلب الأمور دومًا إلى صالحه، فهو مخلوق ماهر بالاصطياد في الماء العكر، واستخدام الأجهزة الرقمية بكلّ أنواعها يجب أن يكون مدروسًا من قِبل الكبار، ويتعقّد الأمر أكثر إن عرّجنا إلى الفئات العمرية الصغيرة التي تحتاج في تنمية مهاراتها إلى اللعب، والحركة، والنشاط بدلًا من التسمّر أمام الشاشات، لكن إن كان ولابدّ من ذلك، فمن المهمّ جدًّا اختيار المحتوى العلمي المهتمّ بتوجيه هذه الطاقات، كالمشاهد التي تشرح الدقائق العلمية أو الاستماع إلى الدروس وتعلّم بعض المهارات الرياضية وما إلى هنالك من أمور تُضاف إلى قائمة النشاطات اليومية، وبهذا سوف نقلّص من حجم الضرر البالغ الذي يستهدف الإنسان إذا ما أدمن هذه الأجهزة.