في ضيافة السيدة المعصومة (عليها السلام)
عظيمة هي سيرة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، حيث نجد الأنس والاطمئنان والسكينة في مرقده الشريف ومراقد أبنائه الطاهرين (عليهم السلام)، فيجد الزائر قلبه متعلقا بتلك البقاع الطاهرة التي حوت أجسادهم الزكية، يشتاق إلى زيارتهم على الرغم من البعد، وتأنس روحه، ويسكن أنينه عند القرب لاسيما عند مرقد السلطان أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وأخته فاطمة المعصومة (عليها السلام). هذه المرأة الصابرة، العالمة الفقيهة التي تبعت إمامها ومولاها الإمام الرضا (عليه السلام) إلى منفاه في بلاد فارس، بعيدا عن الأهل والوطن؛ لتشد أزره في غربته، وليسكن قلبها بقربه، فكان خروجها عام (۲۰۱هـ)، وخرج معها موكب قوامه (22) شخصا من الأخوة وأبنائهم والغلمان، فلما وصل الركب إلى مدينة (ساوة)، حوصر من قبل أزلام المأمون، فقتلوا من قدروا عليه، وتشرد الباقي، وجرحوا أخا الإمام الرضا (عليه السلام)، ولم يبق مع فاطمة المعصومة (عليها السلام) غير أخيها هارون وهو جريح، ثم هجموا عليه وقتلوه، وكان ذلك كله بمرأى من السيدة المعصومة (عليها السلام)، فقد شاهدت مقتل أخوتها وأبنائهم، ورأت تشرد من بقي منهم، فماذا سيكون حالها آنذاك؟ ومرضت (عليها السلام) على أثر السم الذي دس إليها، فأمرت خادما لها أن يحملها إلى (قم)، فلما سمع أهل (قم) بما جرى عليها وعلى أخوتها وعلموا بمقدمها إلى مدينتهم، خرجوا لاستقبالها، يتقدمهم (موسى بن خزرج الأشعري)، فتشرف بضيافتها، فمكثت في منزله (17) يوما، ثم فارقت الحياة، واحتضنت مدينة (قم) جسدها الطاهر، وأحاطت قلوب أهلها بمرقدها الشريف، تشرفا بذرية النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد أصبح مرقدها مهوى لأفئدة المحبين، وملاذا لهم من هموم الدنيا وبلائها، يأنسون بزيارته، فهو روضة من رياض الجنة.