رياض الزهراء العدد 211 إسقاطات ذاتية
إليك
سامحيني يا نفسي لانقطاعي عنك، فقد مرت تلك المرحلة بصخب عالٍ، محملة بمشاعر متفاوتة مع بعضها، ما بين البهجة والحزن، الأمان والخوف، الابتسامة التي تشق طريقها وسط الدموع، وبين نبضات تحاول الوصول إلى بر الأمان لساحل الحب الجديد، حرت من أي طرف علي أن أنظر للكأس، فتارة أرى نفسي تنظر للممتلئ بجد وتفاؤل وطاقات كلها أمل، وتارة أخرى أدهش من بقائي في منتصف الكأس بين الخط الفاصل بين الفراغ وجانبه المليء، ثم سرعان ما اصطدم بزوبعة من الفراغ تغربلني بقسوة، وتجعل أفكاري تتضارب مع بعضها، وعلى الرغم من كل شيء، كان لطف الله المنقذ لي دائما. مر عامان كأنهما دهران، استوطنت جميع فصولهما: ربيعهما، وخريفهما، وصيفهما، وشتائهما، في كل فصل عشت الفصلين في آن واحد، وأحيانا اتخذت فصولا خاصة لنفسي، بنيت فيها غرفة من الخشب البري، تطل على ساحل البحر الأبيض، محاطة بورد البنفسج والجوري، أجلس على كرسي من الخيزران أمام نافذتها المفتوحة، وأمتع عيني برؤية المناظر الخلابة في أطراف غابة المطر، والخضرة تحتل جميع فصولها كأنها ما عادت تمر بشيء غير الربيع. أتصفح ورقات روايتي بعد أن استغرقت مني عامين في كتابتها، وقد دونت فيها جميع اللحظات: بحلوها ومرها، بليلها ونهارها، ودققت في أصغر تفاصيلها، وقد أتممت بحمد الله جميع أهدافي المعلقة في منتصفها، وصرت أعرف جيدا من أكون، وماذا أريد أن أكون، وكيف وأين أكون. وفي أثناء مراجعتي لروايتي لفتت انتباهي عبارة: (انتهى وقت الأحلام، وحان الوقت لتحقيقها) هذا السطر كان كفيلا بأن ينتشلني من عالم الخيال الجميل؛ لأحقق لنفسي واقعا أجمل لا حدود لسعة إدراكي له أو طاقاتي فيه، وطالما استمد قوتي من الله (عز وجل)، فالحمد لله الذي هداني لهذا؛ حيث رفع عني حجب الدجى ليخرجني من دياجير نفسي إلى أنواره، إذ علمني الامتنان ورزقني القناعة والبصيرة، فحططت على ساحل الأمان أحمل بداخلي طاقات لا تعد ولا تحصى من الدر المكنون، متكئة على أرائك من الذهب والفضة، أحلق من السعادة والرضا. التاريخ: عام الازدهار. المكان: الجنائن المستترة. التوقيع: نسيم الصبا.