(هَذا مَا بَخِلَ بِهِ البَاخِلُون)

نادية حمادة الشمري
عدد المشاهدات : 244

نظريةٌ من نظرياتِ أمير ِالمؤمنينَ (عليه السلام) الاقتصاديةِ المكرمةِ في مجتمعِنَا ممارسة العطاء تعدّ من الركائز الواردة في المجتمع الإنساني، وقد تنوّعت أشكال العطاء ما بين جهد ووقت ومال لإغاثة ملهوف، ومساعدة محتاج بقاعدة عقلية إسلامية أدّت دوراً أساسياً في رسم الصورة السائدة وتسليط الضوء على نظرية أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ لنتابع مسيرة خبز سقطت من جراب أمير المؤمنين (عليه السلام) لتلتقطها أيدي أفراد أرادت العيش بجوار ربيع الأيتام وفقاً للتغيّرات الاقتصادية في المجتمع الإنساني لتتشارك القوى الأهلية بسليقتها الاجتماعية، ويسير على خطاها التعليم لتسلك المؤسسات الخيرية سُبل ربها. فكانت أولى الخطوات التي خطتها مجلة (رياض الزهراء (عليها السلام)) مع: (الجيل الثاني) هي العبارة التي استند إليها (صلاح النايف)/ خريج قسم السياحة والفندقة في بيان أن العمل الخيري في الجيل الأول كان مقتصراً من الناحية التعريفية على الأبعاد الخيرية والدينية بسبب الثقافة الاجتماعية؛ إذ تبلورت مستويات العمل الخيري بجميع أفرع الحياة من أجل تحقيق المطلب الديني إلى جانب المتغيرات التي تحدث في عجلة الحياة الاقتصادية التي تحتاج حتماً إلى الدعم الأكاديمي لاستخلاص نتائج إيجابية من المبالغ المخصصة للفندقة والسياحة، وأخص الأماكن المقدسة بالذكر في هذا المجال, ولأن القوى الأهلية هي الأكثر التصاقاً باحتياجات أفراد المجتمع، ولأنها الأقرب من أفراد المجتمع تكون آلية التواصل أسهل وذات مردود إيجابي في تمهيد رؤى جديدة وبلورتها للجيل الثاني في فهم مسؤوليات المجتمع الاجتماعية؛ لتكون أولى تجليات رؤى الجيل الثاني هي توفير فرص العمل باعتبارها قضية ذات بعد اجتماعي للقضاء على البطالة، وبناء القدرات المدعومة، وحفظ النعم. (طبق الخير) ولتعزز التربية ثقافة العطاء وانتشاره رُسمت خارطة للنشاطات الخيرية في إجابة السيدة (محفوظة المحفوظ) معاونة في مدرسة فلسطين الثانوية للبنات، وهي أن الأعمال الخيرية في الإمارات تمتاز بعراقة التجربة في صور عديدة وتأخذ إلى حدّ كبير الطابع الديني الذي تسعى جميع الفئات إلى تفعيله ليكون دليلاً ومعبراً قوياً عن شرعية العمل الخيري واستمراريته. فالمدرسة التي تعدّ البيت الثاني لجيل المستقبل تلقي على عاتقها غرس المكارم والمثل الدينية التي تصب في المبتغى الاجتماعي, وذلك عن طريق توفير الظروف والمناسبات الملائمة خلال الفترة الدراسية، فيكون هذا اليوم باستعداداته يوماً ريادياً للطالبات بخلق جوّ تنموي مستقبلي يلقي بظلاله على تفعيل دور الفتاة بإعدادها الإعداد الصحيح, فكان نشاطنا المتمثل بـ (طبق الخير) الذي كان في بدايته نشاطاً تديره مدرستا التربية الأسرية مع الطالبات حتى لاقى دعماً بمشاركة المربيات من الأمهات، وبذلك يكون ريع هذا اليوم إلى الأسر المتعففة محرزين بذلك نوعين من الإفادة: أولها الإفادة التربوية، وثانيها الإفادة الاجتماعية الدينية من خلال هذه النظرية التي تفعّل من جيل إلى جيل. وأتبعت الحديث السيدة (رباب الموسوي) اختصاصية اجتماعية بأن خلق مثل هذه نشاطات يكشف لنا عن مدى درجة تفاعل الطبقة الطلابية التي تكون في المستقبل تركيبة من تركيبات الفئة المشاركة في إفادة المجتمع, كما أنه يسهم في تنمية الفكر الرعوي لدى الطلبة؛ ويسهم في خلق أسلوب تطوير عملي لهذا المشروع، وهو ما يسعى إلى تبني فكرته النطاق التعليمي بجميع مراحله؛ وبذلك يكون الخطوة الأولى من أجل رسم حياة أفضل وفق منظومة دينية اقتصادية (فمن شبّ على شيء شاب عليه). (جوهر العمل الخيري) أجابت السيدة نوال النمر/ رئيسة القسم التنموي في مؤسسة النمر الخيرية: إن الاستجابة الفطرية تنطلق عن طريق حاجة المجتمع إلى التوعية لترتبط إلى حدّ كبير بالدافع الديني الذي يمثل جوهر العمل الخيري في التقرب إلى الله (عز وجل) معتمدةً في ذلك على الدراسات الميدانية للاحتياجات الاجتماعية. ومن أجل إنضاج القطاع الخيري لابدّ من أن تتوفر عوامل، لعلّ أبرزها الوسيلة والكادر بمرؤوسه معتمدةً على المقارنات التي أوصى بها الله (عز وجل) في قرآنه الكريم ومنها: (...وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ...)/ (آل عمران:159) و(وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)/ (المدثر:6) و(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ...)/ (الحشر:9) (صياغة ثقافة) قدم الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ثقافة الإطعام على أنها ظاهرة من الظواهر العربية التي تعدّ مفخرة من المفاخر التي أفتخر بها أهل الجزيرة العربية؛ لما توجه الحياة البشرية من صعوبات تفتقر بها من نعيمي الزرع والضرع, فأدت إلى تقوية هذه المفخرة حتى جاء الإسلام مؤيّداً لمعاني هذه المكرمة، ومحثاً على أن تكون لمن تحب أو تكره, وخير دليل على ذلك ليلة التاسع عشر من شهر رمضان حينما طلب أمير المؤمنين (عليه السلام) من بنيه إكرام أسيرهم وهنا درس في فناء الذات من أجل التقرب إلى الله (عز وجل) بالاندماج بين أفراد مجتمعه، ويكون خلق (العطاء) هو روح العمل مقترناً بنية العمل الصالح؛ لأن الإنسان وإن كان هو سيد الموجودات فإنه يمتلك طاقة محددة, لذلك سخّر له النعم وأعطاه العقل لكي يضع النعم بمكانها الصحيح. ويجب الاعتماد في نمط الممازجة بين الجانب التربوي والخُلق؛ لتكون مقدمة للتأهيل الاجتماعي والنفسي لسد أبواب تنجم عنها جرائم مختلفة. (نظرية المتقين) وعن أثر هذه النظرية في الحياة الاقتصادية بين الشهيد محمد باقر الصدر في كتاب (اقتصادنا) أن تنمية الإنتاج هي النقطة الوحيدة التي تتفق عليها المذاهب الإسلامية عن طريق الاستفادة مما وفر الله (عز وجل) من موارد بشرية ونعم حثّ الإسلام على استثمارها للفائدة التي تنظم الحياة البشرية وتساعد على قيادة العالم بالإمكانات المختلفة التي أنعم الله (عز وجل) بها على البشرية, وهذا ما لخّصه أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله: "شاركوا أهل الدنيا في دنياهم"(1)، فالمردود المادي الذي يحققه نمو أي إنتاج استثماري للطبيعة هدف يسعى إليه الدين الإسلامي؛ ليعطي تقديرات ومقاييس خُلقية معينة من الناحية الفكرية، فيكون العمل أحد مفاتيح العبادة التي يثاب عليها عن طريق مقاومة فكرة البطالة والإهمال للثروات, كما أن تعطيل أيٍّ من هذه الثروات يعدّ لوناً من ألوان الجحود والكفران بالنعم. (الطاقة الإيجابية) في سياق الأبعاد النفسية تشير السيدة (نوال النمر)/ محاضرة/ مركز الإرشاد الأسري في العتبة الحسينية المقدسة إلى أن الإنسان بطبيعته يبتهج بالعطاء الذي يمنح إليه, وهنا لا فرق بين الفقير والغني في ذلك العطاء, وخير دليل على ذلك الولائم التي ترتبط بمناسبة ولادة أو استشهاد لأحد الأئمة (عليهم السلام)، فهي تحدث أثراً إيجابياً في النفس، وتسهم في تذويب الطبقية بين الفقير والغني, وتمنح كلا الطرفين طاقة إيجابية شافية مزيلة للحقد ومطهرة للقلب من الناحية المعنوية. (مصارف شرعية تخفف عنا الآثام) وعولت السيدة (النمر) بدورها التنموي على كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) للتنبيه على خصلتين سيئتين لدى الإنسان, هما: البخل والإسراف, فوضع الإسلام حداً لهما. عن طريق الخطوة التربوية التي تبدأ من الوالدين، وذلك عن طريق احترام النعم ثم الاهتمام بالآخرين فـ "الخلق كلهم عيال الله، وأحب الخلق إليه انفعهم لعياله"(2)، فمن غير المعقول أن نخفف حرمة الإسراف بإنشاء مصارف شرعية تخفف الإثم فهو وإن كان يسهم في إيجاد حلول للتنمية فإنه لم يعط الفقير حقه من مال المقتدر, ولم يربِّ في المسلم قيماً، بل يخلق سلوكاً خاطئاً يشجع على الإسراف. ومن أجل تخطي هذه المرحلة لابدّ من إحداث توازن في جميع مفاصل الحياة, ورعاية الفكر الذي يدعو إليه الإسلام المتمثل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) لتحقيق تنمية شاملة لجميع مفاصل الحياة، وعبادة تقرب إلى الله (عز وجل). ................................ (1) مستدرك الوسائل: ج11، ص243. (2) مستدرك الوسائل: ج12، ص357.