جيل الشباب جيل مقاوم
عرف جيل الشباب الحالي بتمرد الطباع، والأفكار، والشخصية، حتى أصبحت السمة السائدة لهم، فعمومية صفاتهم وأفكارهم المتجددة وخيالاتهم الكبرى، صبرهم القليل جدًا، واعتيادهم الحصول على الشيء بسرعة فائقة، جعل منهم أفرادًا لا يفضلون أي شيء يطلب منهم انتظارًا، هم الجيل الذهبي في الطاقات، لكنه النحاسي في التكاسل والتأجيل. يفضل أفراد هذا الجيل مزاجهم دائمًا، وينسبون كل فكرة وسلوك إليهم، حتى وصل بهم المطاف إلى النقاشات الدينية، وأصبحوا يصنفونها مزاجيًا، فأثبتت صفاتهم هذه تلك النظرة عنهم، وهذا كل ما يراه أغلب الأشخاص والأهالي والمربين لهذا الجيل المتمرد بطباعه الحادة وصفاته الشفافة، إدراكاته اللامنطقية بحسب شعوره، لكن من زاوية أخرى وفي الوقت ذاته الذي يصنف الجيل بتمرده وقوته هذه هو من الفئات التي تتطلب حياته مقاومة نفسية عالية جدًا للمغريات المتوافرة في حقبة زمانه، فالمغريات متعددة، تبدأ من الإنترنت، وعالم تنفيذ الطلب بلحظة واحدة، إلى انتشار العادات السيئة، والملهيات المبعدة عن الدين والأخلاق والمبادئ بكثرة وسهولة، ومن أجل أن يستمر الشاب بالمحافظة على التزامه الديني والأخلاقي برصانة نفسية قوية، وبمجارات الواقع الافتراضي، لابد له من أن يكون مقاومًا، ومقاومًا جدًا لما يستقبله من مغريات قد تحرف بذرته الحسنة. في الواقع إن في الزمان القديم المغريات التي كانت تؤثر في الشباب كانت ضئيلة إلى الحد الذي يمكن أن لا تحسب، ولهذا فإن التميز قد يكون سهلًا وهو في غاية الطبيعية، لكن في ظل مغريات العصر الحديث الذي نعيشه اليوم، فإن مجاراتهم للصلاح النفسي والشخصي أمر في غاية الإنجاز والمقاومة، وهو أفضلية شخصية وعامة تحسب لأشخاص كثيرين في المحافظة على أنفسهم وضبطها للوصول إلى المستوى الأفضل من نسخهم السابقة، أو مجاراة الأيام هذه بالحسنى وبالوتيرة الحسنة نفسها، وهي نقطة إيجابية تحسب وتنسب إليهم، لابد من ذكرها، وهي محط المفارقة لا المقارنة بين الأجيال؛ لأن ما نصنعه لأنفسنا للبقاء بالروح الإخلاقية والإنسانية نفسها هو الإنجاز العظيم، والأعظم هو أن يكون في مرحلة الشباب التي ما خلت منها أحاديث المعصومين (عليهم السلام) للاستثمار الإيجابي لهذه المرحلة العمرية: "اغتنم شبابك قبل هرمك"(1)، والذي تغير واستبدل بـ(استمتع ما دمت صغيرًا)، والفرق الواضح بين البقاء بالوتيرة الإنسانية الصالحة نفسها بين الجيل السابق والجيل الحالي هي مقارنة متناقضة الفروقات، وهي مغلوطة جدًا؛ لما للعوامل المساعدة من تأثير؛ لهذا فإن الصورة السائدة للجيل الذهبي لابد لنا من أن نراها من زاوية أخرى؛ لتبديلها بأنه جيل على الرغم من رغبته العالية في التمرد، ومزاجيته في الاختيار، إلا أنه جيل مقاوم في المحافظة على نفسه من التلوث بمغريات الحياة الحالية. .......................... وسائل الشيعة : ج١، ص١١٤.