رياض الزهراء العدد 84 واحة البراءة
قَارِئُ القُرآن
كان هناك رجل يعيش في مزرعة في أحد الجبال مع حفيده الصغير، وكان الجدّ يستيقظ كلّ يوم في الصباح الباكر يقرأ القرآن، وكان حفيده يتمنى أن يصبح مثله في كلّ شيء؛ لذا فقد كان حريصاً على أن يقلّده في كلّ حركة يفعلها، وذات يوم سأل الحفيد جدّه: يا جدّي، إنني أحاول أن أقرأ القرآن مثلما أنت تفعل، ولكنني كلّما حاولت أن أقرأه أجد أنني لا أفهم كثيراً منه، وإذا فهمت منه شيئاً فإنني أنسى ما فهمته بمجرد أن أغلق المصحف، فما فائدة قراءة القرآن إذن؟ كان الجدّ يضع بعض الفحم في المدفأة، فالتفت بهدوء وترك ما في يده، ثم قال: خذ سلة الفحم الخالية هذه واذهب بها إلى النهر، ثم ائتِني بها مليئة بالماء. ففعل الولد كما طلب منه جدّه، ولكنه فوجئ بالماء كلّه يتسرب من السلة قبل أن يصل إلى البيت، فابتسم الجدّ قائلاً له: ينبغي لكَ أن تسرع إلى البيت في المرة القادمة يا بُنَي. فعاود الحفيد الكرَّة، وحاول أن يجري إلى البيت، ولكن الماء تسرب أيضاً في هذه المرة، فنظر الجدّ إليه قائلاً: أتظن أنه لا فائدة ممّا فعلت؟ تعال وانظر إلى السلة. فنظر الولد إلى السلة وأدرك للمرة الأولى أنها الآن مختلفة، فقد أصبحت نظيفة بعد أن كانت متسخة من أثر الفحم، فلمّا رأى الجدّ الولد مندهشاً، قال له: هذا بالضبط ما يحدث عندما تقرأ القرآن الكريم، فقد لا تفهم بعضه، وقد تنسى ما فهمت أو حفظت من آياته، ولكنك حين تقرؤه سوف تتغير نحو الأفضل من الداخل والخارج. اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء همي، وذهاب حزني، اللهم آمين.