الباحث والقارئ بين المصادر الأجنبية والعربية

ولاء عطشان الموسوي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 74

كثر الكتاب العرب والمؤلفات باللغة العربية في المجالات المختلفة، سواء العلمية أو الأدبية، لكن على الرغم من كثرة المؤلفات وغنى المكتبات بها، إلا أننا نجد الباحث والقارئ عندما يزور المكتبات يبحث عن المصادر الأجنبية فيما يخص العلوم الحديثة والمجالات الأدبية، ويبتعد عن المؤلفات العربية، فما الذي جعل الباحث والقارئ يميلان إلى الكتب المترجمة ويصرفان النظر عن الكتب العربية؟ عند سؤالنا مجموعة من الكتاب والقراء عن ذلك، أجابنا الكاتب والأديب علي حسين عبيد بقوله: هذا الأمر يعود إلى أسباب عديدة، منها طبيعة الأفكار والمضامين المطروحة في الكتب الأجنبية من حيث كونها غير مطروقة سابقا ولم نسمع بمثلها، والإنسان في العادة يرغب بالجديد والمفيد، أما ما يطرحه الكاتب العربي، فهو يكون معروفا أو متوقعا مسبقا، وهذا يقتل عنصر المفاجأة والتشويق والتحديث في مجال الأفكار المطروحة على القراء، وهناك نقطة في غاية الأهمية، تتعلق بعملية تسويق الكتاب والترويج له، فالأجانب لديهم شركات ومؤسسات متخصصة بتسويق الكتب والترويج للكتاب والمؤلفين، وهم خبراء في هذا المجال، ولديهم خبرات متراكمة يمكنها أن تجعل من الكاتب أشهر المؤلفين في ليلة وضحاها، مثلما أن لها أساليبها في نشر الكتب، لاسيما الروايات، وجعلها عالمية المنحى إلى درجة أن ملايين النسخ تباع في غضون أيام أو أسابيع، وهذا لا يزال يحدث عند الأجانب حتى هذه اللحظة. أما الكاتبة هاجر حسين الأسدي/ طالبة في كلية الهندسة ـ قسم الطب الحياتي ومحررة في موقع (بشرى حياة) شاركتنا رأيها قائلة: في مجال تخصصي المشترك بين الطب والهندسة، أفضل الاعتماد على المصادر الأجنبية لكونها تخصصية دقيقة أكثر من العربية، حتى في مجال القراءة العامة، فأني أفضل قراءة الكتب المترجمة؛ لكونها أكثر دقة وعالية المحتوى وملمة في مجال واحد، وتؤدي الغرض المطلوب، فالكاتب الأجنبي لا يكتب من فراغ، إنما نتيجة دراسة ومسح شامل وعمر طويل من الانشغال في التخصص الدقيق حتى يؤلف كتابا، بينما أغلب الكتاب العرب يبحثون عن الشهرة بدلا من المحتوى، والقارئ العربي كذلك يبحث عن صيت الثقافة لا الثقافة نفسها، أي أن آلية الطلب في سوق الكتب باتت خالية من المحتوى، مفعمة بالألوان، والرسومات، وأشكال الطباعة المتنوعة، ومفتقرة إلى العلم الذي يرتقي بالقارئ، من ثم يحصل انخفاض في عدد المؤلفات ذات القيمة في الوطن العربي وارتفاعها في الكتب الأجنبية، وهناك نقطة مهمة نود التركيز عليها، ألا وهي غياب الدراسات الإحصائية في المؤلفات العربية، فحتى لو كان الكتاب تخصصيا، لكنه يفتقر إلى الدراسات الإحصائية الشاملة، فيعد مجرد تنظير ورأي الكاتب الشخصي. وكان رأي عضو اتحاد الكتاب والأدباء في فلسطين الكاتب طلعت قديح: أن المؤلفين الأجانب لديهم الابتكار في الأفكار، ولا توجد محظورات في المصادر الأجنبية، بل هناك التزام بالمجال التفكيري في طرق الموضوع، فحتى لو امتلكنا العلوم، فالغرب يعمل عليها أكثر، وقد خصصت ميزانيات للبحث العلمي أكثر مما في المجتمعات العربية. وشاركت الكاتبة زهراء وحيدي رأيها قائلة: إن الغرب متقدم علينا من ناحية الأبحاث والدراسات العلمية، مما يعني أن الشخص الذي يبحث عن كتب علمية معينة، فأنه سيبحث عن المصادر الأجنبية؛ لأن الدراسات عندهم أكثر تركيزا، والأبحاث مرتكزة على أسانيد وضوابط إحصائية، وأما من الناحية الثقافية والتنموية، فقد أخذوا من المصادر الغنية لدينا، كنهج البلاغة وغيرها، وقولبوها في قالب عملي تطبيقي وقدموها لنا، فمن الطبيعي أن يعتمد القارئ على المصادر الأجنبية أكثر من العربية لما فيها من المعلومات الغنية مقارنة ببعض الكتب العربية، وربما أخذت الكتب العربية مساحتها في الأدب، لكن من الناحية الفكرية لا توجد بالقوة ذاتها، فلا يكون للقارئ أو الباحث خيارات كثيرة في المؤلفات العربية ليتوجه إليها، فلو أردنا أن ننجز بحثا، بخاصة في المواضيع الاجتماعية أو غيرها، فسنجد المصادر الأجنبية بوفرة، وهذا يعني أننا لم نصل إلى الاكتفاء في هذا الجانب. فيما أشار الكاتب حسين نهابة/ رئيس مؤسسة (أبجد) للترجمة والنشر والتوزيع إلى: أن القارئ يلجأ إلى الروايات المترجمة هروبا من الواقع المرير الذي يعيشه، فهو يبحث عن أمكنة خيالية يفرغ فيها ضغوطاته اليومية. يتضح لنا ضرورة الاهتمام بالمعلومة المقدمة والعمق الفكري الذي تتناوله الكتب، والثقة بعلمية الكاتب وأمانته التي لابد من توافرها ليلجأ القارئ في البحث عن مؤلفات ذلك الكاتب ليعتمدها في أبحاثه، وزيادة معلوماته في الجانب الذي يحتاجه.