شَجَاعةُ الإِمَامِ الحَسَن (عليه السلام)

لمياء هلول
عدد المشاهدات : 438

تعددّت المواقف التي أثبت فيها الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) شجاعته الفائقة، واستبساله سواءً أكانت تحت راية أبيه الإمام علي (عليه السلام) أم في مواضع أُخر، وسنستعرض منها النزر القليل: • بعد وفاة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ونجاح مؤامرة السقيفة، واعتلاء أبي بكر منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من دون أن يحرّك المسلمون ساكناً انبرى الإمام الحسن (عليه السلام) - وهو ما يزال في السابعة من عمره الشريف ولم يأبه لجبروت الطغاة - وبكلّ شجاعة قائلاً لأبي بكر: "انزل عن منبر أبي" فأجابه أبو بكر: صدقت، والله، إنه لمنبر أبيك، لا منبر أبي.(1) • ذهابه (عليه السلام) إلى توديع أبي ذر مع أبيه (عليه السلام)وأخيه الحسين (عليه السلام) حين نفاه عثمان، وامتنع الناس عن توديعه؛ إطاعة لأمر الخليفة وخضوعاً لتهديداته، ولم يخرج في وداعه سوى الإمام علي (عليه السلام)، والحسن والحسين (عليهما السلام)، وكميل، وعمار، فوقف مروان بن الحكم يهدّد الحسن (عليه السلام) قائلاً: (ألا تعلم يا حسن أن الخليفة قد نهى عن وداع أبي ذر (رضي الله عنه)، والتحدث إليه، فإن كنت لا تعلم، فاعلم ذلك)، ولكن الإمام الحسن (عليه السلام) لم يكترث له، وودّع أبا ذر بقوله البليغ: "يا عمّاه، لولا أنه لا ينبغي للمودّع أن يسكت، وللمشيّع أن ينصرف، لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راضٍ".(2) • كان (عليه السلام) رفيق درب أبيه (عليه السلام) في كلّ الحروب والوقائع: (صفين، والجمل، والنهروان) فالإمام الحسن (عليه السلام) كان حاضراً في كلّ مواقع القتال، وإن كان الإمام علي (عليه السلام) يحرص عليه وعلى أخيه الحسين (عليه السلام)، فقد رأى (عليه السلام) الإمام الحسن (عليه السلام) يندفع في المعركة أيام صفين، فقال (عليه السلام): "املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنني أنفس بهذين (يعني الحسن والحسين (عليهما السلام)) على الموت لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)".(3) • لم يتوقف دوره على القتال، بل اعتمد عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) في مَهمات أُخر مثل المَهمة التي أوكله إياها باستنفار أهل الكوفة للقتال معه في حرب البصرة، فسار الإمام الحسن (عليه السلام) مع عمار بن ياسر وزيد بن حومان، وقيس بن سعد، فخطب في الناس واستنفرهم للخروج، وكان أبو موسى يثبّط عزائم الناس، ويدعوهم إلى عدم الخروج، فأمر الإمام الحسن (عليه السلام) أبا موسى الأشعري بالتنحّي قائلاً: "اعتزل عملنا لا اُمّ لك! وتنحَّ عن منبرنا"(4)، ودخل مالك الأشتر القصر، وأخرج الحرس منه، وخرج أبو موسى من المسجد، واستجاب الناس للإمام الحسن (عليه السلام)، وخرج معه إلى البصرة اثنا عشر ألفاً. وهناك العديد من المواقف التي تبيّن شجاعة الإمام الحسن (عليه السلام) لا يسع المجال لذكرها، فالسلام عليه يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حيّا. ................................... (1) الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام): ج9، ص14. (2) كتاب الأربعين: ج2، ص97. (3) نهج البلاغة: ج2، ص139. (4) موسوعة الإمام علي (عليه السلام) :ج6، ص121.