أَهميَّةُ مَعرَكَةِ بَدر


عدد المشاهدات : 129

كانت معركة بدر حرباً حتمية ضدّ المشركين؛ لأنها كانت حالة دفاعية ضدّ هجوم وشيك من قبل قريش، وكانت عقوبة على جرائمهم في عبادة الأوثان، وتعويضاً للمسلمين عمّا خسروه في مكة من مال ونفس وعرض، ولا شكّ أنّ انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى فتح البوابة. لتثبيت دين التوحيد على الأرض، وإقامة العدالة في العالم، وكانت أخلاقية رسول الله (صلى الله عليه وآله) المستمَدة من الدين كفيلة بتحقيق ذلك، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ رحمة الإسلام وتعاليمه وأخلاقيته في القتال قد سجلها التأريخ بكثير من الإكبار والإجلال. ولو تأملنا في التوازن التسليحي بين جيشي المشركين والمسلمين على قلة عدد المسلمين، لبان لنا بوضوح أهمية الشجاعة الفردية، ودورها الحاسم في نتيجة المعركة، فقد كان الفرَس والسيف والرمح والدرع أدوات المعركة وأسلحتها، وتلك الأسلحة كانت تعطي المعركة نوعاً من الثبات الاستراتيجي، وتكشف عن شجاعة المقاتلين وبراعتهم في خوض القتال ببسالة. وكان دور الإمام علي (عليه السلام) في المعركة حاسماً؛ لأن بطولته الفريدة كانت ركناً أساسياً في انتصار المسلمين، فلا شك أنّ قتله ذلك العدد الكبير من أبطال المشركين يقلب التوازن العسكري المتعارف بين الفريقين؛ لأن تلك البطولة الفريدة أدخلت عاملاً جديداً على ساحة المعركة، وهو العامل النفسي، فقد أفرغ الإمام (عليه السلام) طاقته البطولية في أول معركة يخوضها ضدّ الشرك، إذ بثّ في ساحة المعركة رعباً نفسياً حقيقياً في قلوب المشركين، فغيّرت تلك البطولة سلوك المشركين وأبدلته من هجوم وشيك ضدّ المسلمين إلى فرار أكيد، وهزيمة نكراء، وتحطيم لإرادة الشرك والوثنية. كانت معركة بدر امتحاناً عسيراً لاقتصاد المشركين في مكة, فقد زعزعت قريش اقتصادياً، لأنها زيادةً على الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بالمشركين أربكت حركة الأموال والاستثمارات والعمالة في مجتمع مكة. لقد كان التخطيط السماوي لمعركة بدر هو تدمير قريش اقتصادياً، وإنزال الهزيمة العسكرية بها وإذلالها. وقد كانت كذلك اختباراً حقيقياً لإيمان المسلمين بالإسلام، وبالقدرة الغيبية على صنع النصر، فهي أول حرب بين الإسلام والشرك، وأول اختبار لقوة المسلمين في الصمود أمام المشركين المتمرسين على الحرب والسلب. بتصرف من كتاب الصديق الأكبر: ج1، ص323 ـ 327.