رياض الزهراء العدد 215 رتاج العلم
"عقول الفضلاء في أطراف أقلامها"
الكتابة مرآةٌ تعكس شخصية الكاتب وتوجهه الفكري ودوافع للكتابة، وهي أيضا تخبر عن مستواه العلمي وقدراته الفكرية، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "يستدل بكتاب الرجل على عقله وموضع بصيرته"(1)، فقد يكون غرض الكاتب توجيه الناس نحو سلوك إيجابي أو فكرة إيجابية، وقد يكون العكس من ذلك، كنشر الشبهات وزعزعة القيم الدينية في المجتمع، وهناك من يستهدف بكتاباته فئة عمرية معينة يريد توعيتها وتثقيفها، وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "عقول الفضلاء في أطراف أقلامها"(2)، وأقلام أهل العلم والمعرفة ينهمر منها ما حوته عقولهم، وبمدادهم يبلغون رسالة الله تعالى لهداية الناس وإرشاد العباد، فهم عاكفون على التأليف والكتابة لأداء وظيفتهم الكبرى، فليست الكتابة للكتابة، إنما الكتابة لهدف مقصود وغاية منظورة، وإذا لم تكن عين الكاتب على هدف وغاية ما، فإن ما يكتبه سيفقد القيمة العلمية، وهناك بعض الوصايا لأهل بيت العصمة (عليهم السلام) فيما ينبغي للكاتب مراعاته: 1ـ اختيار المحتوى الجيد والجديد والهادف، فهذا له دور كبير في جذب القراء، فضلا عن أن رسالة الإنسان وكتابه دليل على شخصيته، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "كتاب الرجل عنوان عقله وبرهان فضله"(3). 2ـ تناول ما يحتاجه المجتمع من مواضيع، وكتابة ما يلامس همومه، ويعالج قضاياه، ولا يشتغل بسفاسف الأمور، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "من اشتغل بغير المهم ضيع الأهم"(4). 3ـ الاختصار والاقتضاب بعيدا عن الحشو الزائد الذي لا طائل منه، وما كان كتاب سليمان (عليه السلام) لملكة سبأ إلا مثالا واضحا للكتاب المختصر المفيد ذي المغزى الواضح، فقد أوصل المطلوب بثلاث جمل، بحيث عبرت عنه ملكة سبأ بأنه كتاب كريم، (فقد يضيع الفضول والتشريفات الواردة في أثناء جمل الكتاب الهدف من كتابته، فلا يصل الكاتب والقارئ إلى الهدف المنشود)(5). 4ـ معاودة النظر فيما كتب والتدقيق فيه؛ لتفادي الأخطاء والتأكد من المحتوى، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "إذا كتبت كتابا فأعد فيه النظر قبل ختمه، فإنما تختم على عقلك"(6). ............................. (1) ميزان الحكمة: ج3، ص 2051. (2) المصدر نفسه: ج3، ص2626. (3) موسوعة العقائد الإسلامية: ج1، ص276. (4) ميزان الحكمة: ج4، ص2791. (5) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج12، ص60. (6) المصدر السابق: ج3، ص2626.