رياض الزهراء العدد 215 استطلاع رأي
هل الكتابة موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة
عالم الكتابة عالم عميق، مليء بالأفكار والإبداع الأدبي، فمن يكتب، فهو يتعامل مع الحرف مثلما يتعامل الجوهري مع اللؤلوة التي تصاغ بمهارة لتصبح عقدا جميلا، ويتبادر السؤال: هل يستطيع كل شخص أن يمارس الكتابة، أم أنها محددة بفئة معينة؟ تحدثنا مع أكثر من كاتبة وطرحنا السؤال الآتي: هل تنتقل موهبة الكتابة إلى الأولاد بالوراثة أم هي مهارة مكتسبة تصقلها الممارسة، وهل للآباء دور في امتلاك أولادهم هذه الموهبة؟ فأجابت الكاتبة مروة حسن الجبوري: في البداية نذكر رواية شريفة عن الإمام الحسن (عليه السلام) حيث قال: "إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه، فليكتبه وليضعه في بيته"(1)، فمن منطلق هذه الرواية الشريفة نعرف أن الكتابة لا تورث، وإنما تصقل وتزرع في الأولاد، نعم، إن صح القول فهي ملكة يمتلكها الإنسان عن طريق المطالعة والقراءة المستمرة، وأحيانا تكون هواية يمارسها الإنسان في أوقات فراغه، ويغذيها بقراءة المفردات اللغوية والمقدمات الأدبية، وأما بالنسبة إلى دور الآباء، فمن الطبيعي أن يكون الطفل الذي ينشأ في بيئة تعنى بالكتابة والقراءة مختلفا عن باقي الأطفال، فحتما سيكون برعما أبجديا قابل للاحتراف لكونه قريبا من الإبداع، فعلى الصعيد الشخصي، وجدت لدى ابنتي تميزا في مادة الإنشاء وقدرة على الكتابة وتميزا فيها، بدءا من اختيار العنوان، والمقدمة، والخاتمة، وهذه الموهبة أتت من مجالستها لي وأنا أكتب، أو من قراءتها للمواضيع التي تنشر. وقالت الكاتبة نرجس عبد الأمير العبادي: إن نظرنا إلى الموهبة والملكة التي يمتلكها الإنسان بشكل علمي بحت، فيمكن أن نحتمل انتقالها عبر الجينات الوراثية بين الأجيال المختلفة، لكن خلق بيئة أدبية متينة وطرح الخيار لممارسة الكتابة من قبل الجيل الجديد، يمكن أن يكون أكثر فاعلية من مجرد تلقي هذه الموهبة بشكل جيني. وشاركتنا الرأي الكاتبة ضمياء حسن العوادي قائلة: الكتابة عالم متفرع الجذور، لا يمكن قياسها بمقياس واحد، فهناك من طرقت أبوابه الكتابة ففتح لها قلمه، ومنهم من طرق أبوابها ففتحت له مفرداتها، الأول تزوره بغزارة وتنتظر منه أن يصقلها ويطورها، وإن لم يفعل فستتركه شيئا فشيئا، حتى ينسى أنه يوما ما قد تعامل مع المفردات، أما الآخر، فهو يبقى مستمرا معها، يحاول ويحاول حتى تتقبله، وإن لم يصقلها، فمصيره كمصير صاحبه، إن الكتابة والقراءة توأمان، فلا يمكن استهلاك أحدهما من دون الآخر، ومن ينتمي إلى هذين العالمين، فهو يعيش أبد الدهر مرفوع العقل. إن الكتابة عالم له أدواته ومواده، فمن استطاع امتلاكها، عاش في عالمها. ............................. (1) بحار الأنوار : ج2، ص١٥٢.