رياض الزهراء العدد 215 رسالة المرأة
اختلاف التشريع الملائم للذكر والأنثى في شأن العفاف ونظام الأسرة
الحديث عن اختلاف الجنسين في مجال العفاف ونظام الأسرة وخصوصية المرأة في ذلك أمر مهم للغاية في ترتيب الحياة الاجتماعية الراشدة للإنسان، كما أنه الجانب الأهم والأبرز في الحديث عن تماثل الجنسين واختلافهما في التشريعات والوظائف الملائمة، وذلك أن الإنسان مجهز بالغريزة الخاصة، وهي حاجة نفسية ضرورية لذاتها ولاستمرار النوع الإنساني الذي فطر الإنسان على رعايته، لكن لا يصح أن تكون الممارسات الغريزية للإنسان مطلقة ودون قيود كالحيوانات، بحيث كلما رغب في ممارسة غريزته مع أي أحد أقدم عليها، وللمرء أن يتصور وضع المجتمع الإنساني إذا كان يجري على الإباحية المطلقة بين أفراده. ومن ثم كانت هناك حدود حكيمة وأخلاقية فطرية قد أكد عليها الدين يجب على الإنسان رعايتها، يعبر عنها بـ(العفاف)، وهي ترجع إلى حدين رئيسين: الحد الأول: عدم التعرض للغير بالأذى بتجسس، أو إساءة، أو تعرض، أو انكشاف غير لائق، فضلا عما يزيد على ذلك. الحد الثاني: أن تكون الممارسة الغريزية بمختلف أقسامها محدودة في إطار عقد خاص بين طرفين، فلا يصح الانكشاف، والتعرض، والارتباط الغريزي بين اثنين بمجرد التراضي على ذلك، بل لابد من أن يكون هناك التزام وميثاق بين الطرفين على تحليل ذلك للآخر، بما يترتب عليه من الآثار. فهذان حدان مودعان في الفطرة الإنسانية، ويتفق على أصلهما المجتمعات البشرية عموما رغم تنوعها واختلاف أعرافها، فلن تجد مجتمعا يكون إباحيا بما لهذه الكلمة من معنى مطلق. وقد زود الإنسان على العموم بالحياء إعانة له على مراعاته لهذين الحدين في استجابته للغريزة، فالحياء صفة إنسانية مساعدة على رعاية العفاف في مقابل دفع الغريزة نحو الاسترسال. ولا يزال بعض الناس من جهة الإفراط في الحياء يعرض عن الزواج أو إظهار الرغبة فيه، بحيث يؤدي إلى تعسير هذا الأمر، وربما يؤدي إلى استبداله بارتباطات سرية خاطئة، وكان من هذا الباب اهتمام المجتمع الإنساني بالإعلان عن الزواج والاحتفال به حتى يكون واضحا منضبطا لا يستحي المرء منه، بل يكون مبعثا للسرور والسعادة، ويتمايز عن العلائق السرية الخاطئة. إذا يحتاج المجتمع الإنساني إلى أمرين: الأول: رعاية العفاف بشكل عام. الثاني: تكوين الأسرة التي هي أصغر وحدة اجتماعية إنسانية؛ ليفي بالحاجة الغريزية وامتداد الإنسان من خلال الجيل اللاحق(1). .............................. (1) رسالة المرأة في الحياة: ص28-31.