تفعيل دور الوالد في رسالة الحقوق

حوراء كرار الصفار/ كربلاء المقدسة
عدد المشاهدات : 87

رسالة الحقوق المروية عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قد اشتملت على أهم الوصايا، فهي من أبرز الوثائق التي تناولت حقوق الإنسان، وتعد مصدرًا مهما في تنظيم سلوك الأفراد على المستوى الأخلاقي والاجتماعي، وفي ظل التحديات الراهنة التي طالت موضوع التربية وما يرافقها من أفكار مضللة، وحاجة الآباء إلى خارطة طريق يسيرون عليها، وضع الإمام (عليه السلام) منهجه في الرسالة قائلًا: "وأما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضافٌ إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤولٌ عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثابٌ على ذلك ومعاقبٌ، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والأخذ له منه"،(1) فمسؤولية الوالد تبدأ من مراحل مبكرة، فالذي يسعى إلى تربية ولد صالح، عليه أن يختار زوجة صالحة ملتزمة، مما يسهل عليه أمر التربية، فللأم الدور الأكبر في تنشئة الطفل، فمنها يأخذ طباعه ودينه، ومهمة البحث عن الزوجة الصالحة بحد ذاتها صعبة جدًا وتحتاج إلى الدعاء والتوفيق للحصول عليها، ثم رعايتها في أثناء مرحلة الحمل، وتقديم الغذاء المناسب لنمو طفل سليم، واختيار الاسم المناسب له، ولعل من الأمور التي طرأت على الأسر في العصر الحالي هي الأسماء الغريبة والغربية التي لا تحمل معانٍ هادفة، فخير الأسماء تلك التي اتصلت بمحمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، فالاسم له تأثير كبير في شخصية الطفل وصفاته، مثلما أن الاهتمام بالتربية الجسدية والروحية له أثر كبير، فيتركز دور الأب على العناية بتربية الطفل على أكمل وجه، ليس فقط من ناحية المأكل والملبس، بل من ناحية تهذيب الروح، وتعليمه القيم الأخلاقية والدينية، إذ يعد دور الأب أساسيًا في تشكيل شخصية الطفل، ويجب أن يكون قدوة حسنة له في جميع أفعاله وأقواله، فالطفل يراقب تصرفات الأب وأقواله ويكررها، فتتشكل شخصيته من تلك المراقبة، أما دينه، فمن الضروري أن يزود الأب نفسه بالمعلومات الدينية التي يسأل عنها الأبناء، فعدم الإجابة عن أسئلتهم، ستوجههم نحو مصادر أخرى للحصول على الإجابة، وفي حال لم يعرف الأب الإجابة الصحيحة، فيمكنه توجيه الأبناء إلى المصادر الصحيحة التي يعتمد عليها من الناحية العقائدية، والفكرية، والأخلاقية، فتربية ولد صالح واحد خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت عند الله (عز وجل). إن رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام) هي دستور حياة لكل من يسعى إلى تأسيس مجتمع قائم على القيم الأخلاقية والتربية الصالحة، وإن سيرة الإمام السجاد (عليه السلام) مليئة بالدروس والعبر، وذكرى مولده الشريف محطة لاستلهام تلك الدروس؛ لنعيد فيها تقييم دورنا بصفتنا مربين، فنسعى إلى تربية أبناء يتحلون بالقيم والمبادئ، ويكونون ذخيرة للمجتمع، فما أعظم أن ننشئ جيلًا يحمل رسالة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم). ............................. (1) شرح رسالة الحقوق - الإمام زين العابدين (عليه السلام): ص581