رياض الزهراء العدد 215 تاج الأصحاء
العمل المكتبي وآثاره السلبية في الصحة
في ظل التغيرات الحديثة التي طرأت على بيئة العمل والتي أصبحت في بعض الوظائف مقتصرة على الجلوس خلف المكاتب لساعات طويلة جدا وبلا انقطاع وبدون حركة أو نشاط بدني ولو كان بسيطا، والعمل على شاشات الحاسوب لساعات طويلة، مما يؤدي إلى تسمر الجسم، والرقبة، والظهر، والذراع، أو الجلوس بأشكال خاطئة لا تحمد عقباها حاضرا ومستقبلا، وبصورة بطيئة قد لا يكتشفها الشخص مباشرة؛ لأننا نقصد الآثار السلبية على المدى الطويل من سنوات العمل ولساعات طويلة في اليوم الواحد، بلا انقطاع أو استراحة تتناسب مع شدة العمل، مما تحمل الجسم فوق طاقته، وبذلك تظهر العلامات السيئة بمختلف الأشكال، كالاعتلالات العصبية، والمفصلية، والعضلية، وغيرها، منها: 1ـ التعب العام: يبدأ الشعور بالتعب في أثناء العمل وبعده، والخمول العام، وصعوبة في تأدية الأعمال والمهام اليومية التي تتطلب الحركة والنشاط البدني، وذلك نتيجة الجلوس الطويل الذي يبطئ من حركة الدورة الدموية ويبطئ من ضخ الدم من القلب لإيصاله إلى أنحاء الجسم كالعضلات، والمفاصل، وبقية أجزاء الجسم بصورة متوازنة. 2ـ التشوهات الشكلية للجسم: تسبب وضعيات الجلوس الثابتة لأوقات طويلة وبشكل خاطئ بتعود ميكانيكية الجسم على اتخاذ شكل ثابت، ثم فقدان المفاصل والعضلات مرونتها تدريجيا؛ لأن الاستخدام الخاطئ وغير المنتظم للمفاصل والعضلات، يعرضها لضغط غير مناسب، مما يؤدي إلى تشنج العضلات بشكل بطيء ومعقد، ويزداد تدريجيا ويسبب ضعفها، ويؤدي إلى تيبس المفاصل المحركة لها، كانحراف العمود الفقري أو التحدب. 3ـ تيبس عضلات الرقبة: وتمتد إلى عضلات الكتف واليد، وقد تمنع الإنسان من استخدام يده بشكل طبيعي في المراحل المتقدمة، مثلما تسبب شدا عضليا قويا في العضلات العنقية التي تضغط على الفقرات وتسبب الانزلاقات الغضروفية والضغط على الجذور العصبية، إضافة إلى الصداع، والدوران، والغثيان بسبب الضغط الشديد المسلط على هذه العضلات بسبب استخدامها في الوضعيات الخاطئة، تحديدا في انحنائها إلى الأمام، ومن مصاديقه استخدام الحاسوب أو الجوال لساعات طويلة. 4.تأثر عضلات الظهر: إن الجلوس على المقاعد الصلبة التقليدية التي تفتقر إلى دعم الفقرات القطنية، تكون غير مناسبة للإسناد الفقري والعضلي في منطقة الحوض والظهر، فمع العمل لساعات طويلة ومتواصلة تؤثر بالتأكيد في العضلات وعملها، وتسبب شدا عضليا في هذه العضلات، فيؤدي لاحقا إلى الانزلاقات في الفقرات القطنية والتشوهات الشكلية للعمود الفقري، والتيبس في مفاصله بسبب قلة الحركة الفيزيائية التي تؤدي إلى ضعف العضلات، ومن ثم إلى مشاكل عديدة. 5ـ التأثير التنفسي: يحصل انخفاض في القدرة التنفسية والسعة الصدرية وصعوبة التنفس، وذلك بسبب انخفاض قدرة العضلات الصدرية والتنفسية على استقبال الهواء والأوكسجين بسبب اعتيادها على التنفس بشكل قصير، وهذا الأمر يظهر بشكل ملحوظ عند الأشخاص بصورة تعب، وخفقان، وتنفس سريع، أو الاختناق عند القيام بأقل نشاط بدني ولو كان بسيطا. 6ـ خمول الأمعاء: من التأثيرات غير المباشرة للجلوس الطويل هو بطء حركة الأمعاء وخمولها بسبب قلة الحركة، وبطء جريان الدم داخلها، مما يسبب العديد من المشاكل، كسوء الهضم. 7ـ تغير نمط المشي: من التغييرات الغريبة التي قد لا تكتشف في مراحلها الأولى، بل في مرحلة متقدمة جدا، أي بعد مرور سنتين أو أكثر من العمل ولساعات طويلة ومتواصلة وبدون ممارسة الرياضة، هو تغيير أو اختلال في وضعية الجسم عند المشي، وذلك بسبب خمول عضلات معينة بالجسم أو ضعفها أو تشنجها، أو زيادة الضغط الحركي على عضلات أخرى، فينتج خلل في توزيع الحركة الفيزيائية على عضلات الجسم، ومن ثم يحدث تغير واضح. 8ـ التأثير في الصحة النفسية: وجدت دراسة عامة أن الأشخاص الذين يقضون أكثر من (42) ساعة في الأسبوع جلوسا، يرتفع لديهم خطر الإصابة بالأمراض النفسية بنسبة (31%)؛ وذلك لأن قلة الحركة تجعلهم متعبين في الغالب. إرشادات لضمان السلامة في مكان العمل: 1ـ اختيار الأدوات المناسبة لوضعية الجلوس الصحيحة من ارتفاع المكتب، والمقعد المناسب، والوسائد الداعمة، وغيرها. 2ـ الجلوس بشكل صحيح، مع الانتباه لزاوية انحناء الرقبة وتقليلها قدر الإمكان، واتخاذ وضع مريح للرأس والكتف واليد، بخاصة عند استخدام الحاسوب أو الكتابة. 3ـ استخدام الوسائد الداعمة للفقرات القطنية أو العنقية، ووسائد استقامة العمود الفقري. 4ـ أخذ استراحة كافية كل (30) دقيقة تتناسب مع طبيعة العمل وشدته، ومن المهم أن تكون حركية لتنشيط الدورة الدموية وتنشيط الجسم عامة. 5ـ ممارسة الرياضة، بخاصة التمارين الهوائية كالمشي، والركض، والسباحة، وتمارين تقوية العضلات والمفاصل بشكل منتظم ومناسب. 6ـ عمل تمارين الاستطالة بشكل دوري ومكرر، حتى في أثناء العمل.