التكنولوجيا الحديثة: كيف تعيد الرقمنة تشكيل حياة المرأة؟

جنان عبد الحسين الهلالي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 44

في عصر التكنولوجيا المتسارع، يشهد العالم تحولات جذرية في مختلف مجالات الحياة، والمرأة من بين الشرائح التي تأثرت كثيرا بهذه التطورات، فالرقمنة التي دخلت في كل زاوية من زوايا حياتنا اليومية، أثرت بشكل غير مسبوق في نمط حياة المرأة، وأعادت تشكيل أدوارها الاجتماعية، والمهنية، والشخصية. التكنولوجيا الحديثة والرقمنة لم تعد مجرد أدوات، بل أصبحت قوة تمكين كبيرة بالنسبة إلى المرأة، فبفضل التكنولوجيا، بات بإمكان النساء الوصول إلى فرص تعليمية ومهنية لم تكن متاحة لهن من قبل، فالتعليم عبر الإنترنت فتح الأبواب أمام النساء في المناطق النائية أو المحرومة لتلقي المعرفة والتدريب في أي وقت من دون الحاجة إلى مغادرة منازلهن، مثلما أن أدوات التعليم عبر الإنترنت ساعدت النساء على اكتساب مهارات جديدة، مما عزز من مكانتهن في سوق العمل. أصبح بإمكان النساء اللواتي لم يستطعن إكمال دراستهن أن يكملن تعليمهن عن بعد ويحصلن على شهادات عليا، مما ساعد في انتشالهن من الحرمان العلمي، وأعاد إليهن الأمل في مستقبل مهني ناجح. والعمل عن بعد يعد أحد أبرز ثورات التكنولوجيا التي ساعدت على إيجاد التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، فاليوم أصبح بإمكان المرأة أن تدير أعمالها من المنزل مهما كانت أدوارها في الحياة، مما ساعدها في الحصول على مردود مالي مع الحفاظ على مسؤولياتها العائلية. والتكنولوجيا أيضا ساعدت المرأة على دخول عالم ريادة الأعمال بسهولة أكبر، فمنصات التواصل الاجتماعي كـ(إنستغرام، وأمازون) مكنت العديد من النساء من التجارة الإلكترونية وإنشاء أعمالهن الخاصة بموارد محدودة، فعبر هذه الأدوات تمكنت النساء من تسويق منتجاتهن، والوصول إلى العالمية من دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة أو بنية تحتية معقدة. وكذلك أسهمت التكنولوجيا في رفع وعي النساء بما يجري في العالم، فالإنترنت أصبح أداة تمكن النساء من الوصول إلى مصادر المعلومات والمشاركة في النقاشات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية، والسياسية، وغيرها، وهذا مهم لمستقبل المرأة، ففي ظل التطورات السريعة، تحتاج المرأة إلى معرفة ما يدور حولها من قضايا سياسية، ودينية، واقتصادية، واجتماعية؛ لتتمكن من مواجهة التحديات، والوقوف بوجه التيارات المناوئة، فهي مسؤولة عن تربية جيل المستقبل. وعلى الرغم من كل الفرص التي تقدمها التكنولوجيا، إلا أن هناك تحديات يجب الالتفات إليها، بخاصة بالنسبة إلى المرأة المسلمة، فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين، يجب استخدامها بحذر وعقلانية للاستفادة من الكم الهائل من المعلومات، وللحفاظ على سلامة المرأة النفسية والعاطفية من الضروري زيادة الوعي بالأمن الرقمي، وكيفية حماية الخصوصية على الإنترنت، إضافة إلى ذلك ما تزال الفجوة الرقمية بين الجنسين تشكل عائقا في العديد من المجتمعات، إذ تحرم النساء من الوصول إلى التكنولوجيا بسبب الفقر أو القيود الاجتماعية. ومع استمرار تطور التكنولوجيا، يتوقع أن تصبح المرأة أكثر تأثيرا وتفاعلا في العالم الرقمي، فالذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية الجديدة كالواقع الافتراضي، ستفتح مجالات جديدة أمام المرأة في مختلف القطاعات، مثلما أن الشركات التكنولوجية بدأت تولي اهتماما أكبر بمسألة التنوع والشمول، مما يزيد من فرص النساء في قيادة الابتكار، وصنع القرار في هذا القطاع المتنامي. وأخيرا، يمكن القول إن التكنولوجيا الحديثة والرقمنة لا تقتصران على تغيير حياة المرأة فقط، بل تقدمان لها فرصا غير مسبوقة للتطور والازدهار، فعلى الرغم من التحديات التي لا تزال قائمة، فإن العصر الرقمي يمثل فرصة ذهبية للنساء لتحقيق طموحاتهن، والإسهام بفاعلية في بناء مستقبل أكثر شمولا وابتكارا.