التأصيلات المطلوبة لإنجاح الأسرة

السيد محمد باقر السيستاني (دامت بركاته)
عدد المشاهدات : 9

ما التأصيلات المناسبة في نجاح الأسرة؟ لا شك أنه يجب على كل من الزوجين بذل الجهد اللازم في نجاح الأسرة، سواء قبل انتخاب الأسرة بالتحري الملائم، أو ضمن التعاقد الذي يبرمانه على تكوينها أو بعدها، ولكل من المراحل الثلاث اقتضاءات إذا تم الإخلال بها أوجبت خللا في الحياة الأسرية ربما لا يمكن تداركه لاحقا. أما المرحلة الأولى: وهي قبل انتخاب الأسرة، فبحسن اختيار الشريك الآخر وانتخابه وفق المؤهلات الحقيقية للحياة الأسرية دون الانفعالات العاجلة والمظاهر الخادعة؛ لتجاوز الارتباطات التي هي مظنة الخلاف والانفصال من جهة اختلاف طباع الطرفين، وطموحهما أو عدم سلامتهما الأخلاقية ونحوها، وفي حال تبين خلل من هذه الناحية في أحد الطرفين، فإن لم يكن كبيرا فإنه ينبغي تجاوزه والسعي في إنجاح الأسرة، لاسيما بعد الزفاف أو تكون الأولاد خاصة. وأما المرحلة الثانية: في حين إبرام العقد، فلابد من ذكر الطرفين كل رغبة مهمة وأساسية لهما في الحياة الزوجية - لم يكونا ليقدما على الزواج بينهما في حال عدم القبول بها - كشرط في ضمن العقد بعد التفاهم المسبق عليه؛ ليمثل إلزاما فطريا وشرعيا، خاصة الشروط التي تمثل حالة استثنائية بحسب العرف السائد، وإلا كان المحكم عملا بطبيعة الحال هو العرف السائد، أو يؤدي إلى الاختلاف والنزاع. وأما المرحلة الثالثة: بعد إبرام العقد، فيجب على كل واحد من الطرفين المعاشرة مع الطرف الآخر بالمعروف، ويعني المعروف ما يرضي الوجدان الإنساني العام في مقابل المنكر، وهو ما يستبشعه الوجدان الإنساني العام، فلا يتعسف أحد الطرفين مع الآخر في أخلاقه وطلباته، ويشتمل ذلك على أمرين: 1ـ رعاية اللياقات الإنسانية العامة، من قبيل عدم الإساءة والعدوان على الآخر في نفس، أو جاه، أو عرض، أو غير ذلك، فإن تلك اللياقات شاملة للزوجين، بل هي مؤكدة جدا في حقهما؛ لأن العقد ينطوي على التزام بالتعامل بالمعروف، فمن أساء إلى الآخر فكأنه قد خان، وإذا حصلت وشيجة بعد العقد من خلال مزيد من المعاشرة والألفة، فإن في ذلك ما يؤكد مراعاة اللياقات الإنسانية، كتأكد مراعاتها في حق الصديق والصاحب، فالعدوان والإساءة قبيحان على كل إنسان، ولكنهما أقبح في حق الصديق والصاحب من جهة الوشيجة الإنسانية الحاصلة بالعشرة والأنس. 2ـ رعاية اللياقات الزوجية الخاصة، فإن علقة الزوجية تستتبع حقوقا للطرفين وواجبات عليهما، فلا ينبغي الامتناع عن الإيفاء بالحقوق، والعمل بالواجبات(1). ..................................... (1)رسالة المرأة في الحياة: ص44_ 46.