مذاكرة العلم أحب إلى الله تعالى

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 114

شهر رمضان المبارك هو محطة روحية، وأيضا هو محطة لرفد العقل بالعلوم والمعارف الإسلامية، وقد دأب العلماء والمؤسسات الدينية على إقامة الجلسات العلمية والندوات الفكرية فيه، وجرت العادة على أن يكون للفقهاء والعلماء قبل موسم التبليغ الرمضاني لقاء مع طلبة العلوم الدينية، من مبلغين وخطباء؛ للتأكيد على طرح أهم المواضيع التي ينبغي الحديث عنها، وبيان رأي الدين فيها، وكذلك تناول المواضيع التي تلامس هموم الناس ومشاكلهم، ومعالجتها، وقد يثار تساؤل، ألا وهو أن شهر رمضان الكريم شهر العبادة، من صيام، وصلاة، وقراءة القرآن، والأولوية هي التفرغ للعبادة، فكيف تعقد الدروس وجلسات مذاكرة العلم فيه؟! والجواب عن هذا السؤال هو أن طلب العلم أيضا من العبادات، بل هو من أفضلها؛ فعن النبي (صلى الله عليه وآله): "من طلب العلم فهو كالصائم نهاره، القائم ليله، وإن بابا من العلم يتعلمه الرجل خير له من أن يكون له أبو قبيس ذهبا فأنفقه في سبيل الله"(1)، وعنه (صلى الله عليه وآله) في وصيته لأبي ذر: "يا أبا ذر، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من قيام ألف ليلة، يصلي في كل ليلة ألف ركعة، والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من ألف غزوة وقراءة القرآن كله، قال: يا رسول الله، مذاكرة العلم خير من قراءة القرآن كله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "يا أبا ذر، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من قراءة القرآن كله اثنا عشر ألف مرة، عليكم بمذاكرة العلم، فإن بالعلم تعرفون الحلال من الحرام"(2)، فلا شك في وجود أثر وأجر للعبادات، من صلاة، وإنفاق، وتلاوة للقرآن، ولكل ثوابه وأثره في الفرد والمجتمع؛ لكن الأثر والأجر المترتب على مذاكرة العلم وتحصيله، من معرفة أحكام الدين من الحلال والحرام، والوقوف على الشبهات فوق أثر بقية العبادات وأجرها، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "طلب العلم أفضل من العبادة، قال الله عز وجل:)إنما يخشى الله من عباده العلماء((3و4)، فمن العلماء من كان يستثمر ليالي الشهر الكريم في الكتابة والتأليف. وعليه، فما يرجى من المؤمنين في الشهر الفضيل هو الجمع بين مجالس الذكر والدعاء، وبين استثماره في تحصيل العلم، واكتسابه، ومذاكرته، والتزود منه. ............................ (1) بحار الأنوار: ج1، ص184. (2) بحار الأنوار: ج1، ص203. (3) فاطر:28. (4) بحار الأنوار: ج66، ص80.