"اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان"(1)

نور حسن الجبوري/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 3

أقبلت أيام الله تعالى المعدودات، ويا حظ من استثمر واغتنم أيامه، فلا نعلم أنحن ضيوفه أم هو من سيحل ضيفا علينا؟ لكن في كلتا الحالتين، سواء كنا نحن الضيوف أم المضيفين، علينا اقتناص الفرص واستثمارها بغض النظر عن الفرق بين الحالتين. إن الفرص تمر بالإنسان مر السحاب، والخير كل الخير لمن اقتنصها، فعن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال:" انتهزوا فرص الخير، فإنها تمر مر السحاب"(2)، وعنه (عليه السلام): "الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود"(3)، فشهر رمضان المبارك فرصة حقيقية لتجديد النوايا، وتكثيف الأعمال الصالحة التي تعود بالنفع على الإنسان نفسه وعلى مجتمعه، فكل عمل يقوم به الفرد مهما كان صغيرا، يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في ذاته أو في حياة الآخرين. هناك الكثير ممن يستثمرون حلول الشهر الفضيل في حملات جمع التبرعات للمحتاجين، واليتامى، والمعدومين، ويواظبون عليها من بداية الشهر الفضيل حتى انتهائه، فيكونون سببا في سعادة غيرهم من المسلمين، والتخفيف من أعبائهم، ومما يجب الالتفات إليه أن التبرع ليس عملا إنسانيا فقط، بل هو عبادة تقرب الفرد إلى الله تعالى، وتضمن له الأجر والثواب، لكن قد تصبح تلك الأعمال الصالحة وبالا على بعضهم بسبب العجب بالنفس، وتزيين الشيطان للعمل؛ ليتفاخر به العبد ويتباهى، فيحبط عمله، وقد قال تعالى: )قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا( (الكهف:103-104). وهناك صنف آخر من الناس، يتصدق في هذا الشهر الفضيل بشتى أنواع الصدقات؛ لكنه يبطلها بالمن على المحتاج، وقد قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر( (البقرة:264)؛ لأن الله سبحانه هو المنان على عباده بتوفيقهم للأعمال الصالحة، ورزقهم الذي رزقهم به، وتفضله عليهم. وهناك من يصوم شهر رمضان المبارك، لكنه يمن على الله تعالى بصيامه وقيامه، ويكون سيئ الأخلاق، يؤذي من حوله بذريعة الصيام. ينبغي الحذر كل الحذر لئلا تحبط أعمالنا الحسنة بأفعالنا السيئة من حيث لا نشعر، فقد قال تعالى: )وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباء منثورا ( (الفرقان:23). ...................................... (1) الكافي: ج٤، ص70. (2) ميزان الحكمة: ج3، ص٢٣٩٨. (3) المصدر السابق.