أثر العادات والتقاليد في الأطفال خلال شهر الخير
لكل امرئ منا ذکریات مع أسرته لا تقدر بثمن، تلك الذكريات التي نقشت في أذهاننا كنقوش الأمم السابقة على جدران المعابد والكهوف، فكل رمز من تلك النقوش بإمكانه أن يفك شفرة ما، ويضع بين أيدينا كنوزا دفينة. إن الأسرة لها دور عظيم في تشكيل شخصياتنا وحياتنا، مثلما نحن لنا دور عظيم فيما سيكون عليه أطفالنا بعد سنوات، فسواء شئنا أم أبينا فأننا تأثرنا بالكثير من العادات والتقاليد، وسرنا على خطى آبائنا في الكثير من الأحيان؛ لأن تلك التصرفات قد نقشت في نفوسنا، فأصبحنا نسخا مصغرة عن تلك النماذج الكبيرة، ففي أرشيف ذاكرتنا تكمن الكثير من القصص والحكايات من عهد الطفولة، مما تفسر ما نحن عليه الآن، ومن هنا نجد أهمية دور الأسرة والعادات والتقاليد على سعادة المجتمع أو بؤسه، فقد جاء في دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) لأولاده: "اجعلهم أبرارا أتقياء، بصراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك، محبين مناصحين، ولجميع أعدائك معاندين ومبغضين، آمين، اللهم اشدد بهم عضدي، وأقم بهم أودي، وكثر بهم عددي، وزين بهم محضري، وأحي بهم ذكري، واكفني بهم في غيبتي"(1)، فسوف يذهب الآباء ويأتي بعدهم الأولاد ليكملوا المسيرة ويحيون ذكر آبائهم، وهلم جرا، إذن علينا التمسك بالعادات والتقاليد الإيجابية كي تترسخ في أذهان أطفالنا، ويتربون على الأسس المتينة، وينمو الإيمان والاعتقاد الراسخ في نفوسهم، ومن تلك العادات الحسنة في الشهر الفضيل: 1ـ إعداد السلة الغذائية: تهدى هذه السلة في الشهر الفضيل إلى الجيران والأرحام، فضلا عن تقديمها هدية إلى الفقراء والمحتاجين نيابة عن الأموات. 2ـ الركن الرمضاني: تخصيص زاوية من البيت تعبر عن الشهر الفضيل؛ ليشعر أفراد الأسرة ببهجة هذا الشهر العظيم. 3ـ المحفل القرآني: تجتمع بعض العوائل لإقامة محفل لتلاوة القرآن الكريم، وشرح بعض الآداب والمستحبات في الشهر الفضيل، مما يرسخ هذه المفاهيم في أذهان الكبار والصغار. 4- الاجتماع على مائدة الإفطار: تجتمع العوائل على مائدة الإفطار، مما يقوي أواصر المحبة والألفة بين أعضاء الأسرة. إن شهر الخير والبركات فرصة استثنائية للحفاظ على العائلة وتفعيل دور القدوة بأجمل وأبهى صورة، فهذه الخطوات تعد بمنزلة غرس البذور في باطن الأرض، فاليوم يزرع الآباء، وغدا سيحصدون ثمار ما زرعوا، وسيذكرهم الجميع بالخير، بخاصة الأولاد الذين ساروا في طريق الصلاح والهداية بفضل التربية الصالحة. ........................... (1) الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين (عليه السلام): ص128.