هلت رحاب الخير فاستبشروا

وسن نوري الربيعي
عدد المشاهدات : 4

يشرق سنا نوره المتألق في أرواح أعياها اللهاث وراء لذات زائفة ومكاسب زائلة، فيعتقها من غفلتها، ويمحو عنها أدران الذنوب والخطايا، ويسمو بها إلى رحاب الخير والطمأنينة؛ لتعود نقية صافية من أكدار الملذات المادية. أيامه المعدودة إكسير رحمة تزكي النفوس والأبدان، هذه العبادة المتميزة بالعطاء والبركة، المتفردة بالربح المعنوي لمن أحسن استثمارها ولم يفرط فيها بلغو وفضول طعامٍ أو لهو. إن أريجه العابق بالطهر والإيمان يعطر أيامنا بأزكى الذكريات، من حلقات الذكر، وترتيل القرآن الكريم، ولقاء الأحبة، والصفح عمن ظلمنا، والعفو عمن أساء إلينا، ووصل من قطعنا، هذا كله طمعا في عفو المولى (عز وجل). في الشهر الفضيل يتغير كل شيء من حولنا، فيشعر المؤمن عند إطلالة هلاله المبارك بتحول يعم كل كيانه، ونشاط يدب في وجوده، ويتنسم عبيره العذب في كل الأرجاء. هو شهر تتجلى فيه البركات والهبات، وقد خص الله تعالى نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعناية فريدة لا نظير لها، وبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) أقصى مراتب القرب من العلي الأعلى، إذ أسري به (صلى الله عليه وآله) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فقال تعالى: )سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا( (الإسراء:1)، حتى تصل ذروتها في ليلةٍ هي خير من ألف شهر، فيجدر بالعبد أن ينأى في كل لحظاته عن التفريط بهذه العبادة العظيمة الخيرات، الماحقة للذنوب، الرافعة للدرجات وتحصيل أرقى الكمالات، والقرب للخالق العظيم، وأن لا يقصر في لياليه وأيامه المباركة، وإن عجز عن الذكر والصلوات، فليبادر إلى محاسبة النفس ومراقبتها، فهي من أعظم القربات؛ لتكون رحلته مثمرة، وينال البركة والخير في أيام حياته كلها.