رياض الزهراء العدد 216 طفلك مرآتك
سأشكوك إلى أبي
في مساء يوم رمضاني جميل، هم (علي) بالخروج بعد أن تناول إفطاره إلى الساحة التي تقع على مقربة من بيته؛ ليقضي بعض الوقت مع أصدقائه الثلاثة، فاستأذن جدته قائلا: - أنا ذاهب يا جدتي. - حسنا يا ولدي، انتبه لنفسك ولا تتأخر. - إن شاء الله تعالى. وبعد ساعة عاد (علي) والحزن الشديد بادٍ على وجهه، فبادرته جدته قائلة: - ما يحزنك يا صغيري؟ - لا شيء، لا شيء، ودخل غرفته. بعد بضع دقائق، دخلت جدته الغرفة وجلست بجانبه، قبلت رأسه مستفهمة منه بصوت يملؤه العطف والحنان: - ما يحزنك يا حبيبي؟ - لا شيء يا جدتي. - ما الذي حصل معك؟ - لقد تخاصمنا، أنا و(محمد). - أخبرني ما الذي جرى؟ ـ كنت أركض والكرة أمامي، فدفعني وأخذها مني، فضربته كفا على وجهه، فذهب إلى داره يبكي. - لا يا ولدي، لا يجوز فعل ذلك، فهو بمنزلة أخيك، ونحن الآن في شهر رمضان المبارك، شهر الطاعة، والمغفرة، والمسامحة. - يستحق ذلك. - كلا، هذا فعل خاطئ، كيف لك أن تصوم وأنت تسببت لصديقك بالأذى؟ - ماذا علي فعله؟ - عليك أن تعتذر إليه. - لن أعتذر، لكني أتذكر أنه قال لي: سأشكوك إلى أبي، أبي الأيتام، يظن أنه يخوفني، لكنه يتيم، فكيف سيشكوني إلى أبيه؟ من هو أبو الأيتام يا جدتي الذي سيشكوني إليه؟ - والدنا جميعا هو الإمام علي (عليه السلام) الذي نعيش ذكرى استشهاده. - لم سمي بأبي الأيتام؟ - لأنه تكفل بجميع الأيتام والفقراء، ولن يدعهم يحتاجون لشيء، كان يطعمهم ويجلس معهم كأنه والدهم، وبالمناسبة إنه يعلم ما فعلت بـ(محمد) وهو يتيم، ولن يرتضي ذلك لسببين: أولا: لأن (محمدا) أخوك في الدين ونظير لك في الخلق، وهذا هو قوله (عليه السلام)، وثانيا: علينا مراعاة الأيتام، وتجنب قهرهم وأذيتهم، وذلهم، وهذا ما حثنا عليه الدين الإسلامي الحنيف. - فعلا، أنا تسببت بأذاه يا جدتي، سأذهب إلى داره وأعتذر إليه. - انتظر، سأذهب معك. خرج (علي) وجدته قاصدين بيت (محمد)، فطرقا الباب، فتح (محمد) الباب والحزن يلوح على محياه، فقال (علي): - أنا آسف، لقد أخطأت بحقك، فقبله واحتضنه، وقال: لن أفعلها مرة أخرى، سامحني يا صديقي ـ سامحتك يا (علي). - بمناسبة تصالحنا ونحن نعيش ذكرى شهادة أبينا، أبي الأيتام، سأذهب غدا إلى زيارته، وسأزوره بالنيابة عنك. - جزاك الله خيرا، وتقبل الله منك سلفا. - مع السلامة يا صديقي، أراك غدا بعد الإفطار. - مع السلامة، إن شاء الله تعالى.