سأشكوك إلى أبي

زهراء سالم الجبوريّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 6

في مساء يوم رمضاني جميل، هم (علي) بالخروج بعد أن تناول إفطاره إلى الساحة التي تقع على مقربة من بيته؛ ليقضي بعض الوقت مع أصدقائه الثلاثة، فاستأذن جدته قائلا: - أنا ذاهب يا جدتي. - حسنا يا ولدي، انتبه لنفسك ولا تتأخر. - إن شاء الله تعالى. وبعد ساعة عاد (علي) والحزن الشديد بادٍ على وجهه، فبادرته جدته قائلة: - ما يحزنك يا صغيري؟ - لا شيء، لا شيء، ودخل غرفته. بعد بضع دقائق، دخلت جدته الغرفة وجلست بجانبه، قبلت رأسه مستفهمة منه بصوت يملؤه العطف والحنان: - ما يحزنك يا حبيبي؟ - لا شيء يا جدتي. - ما الذي حصل معك؟ - لقد تخاصمنا، أنا و(محمد). - أخبرني ما الذي جرى؟ ـ كنت أركض والكرة أمامي، فدفعني وأخذها مني، فضربته كفا على وجهه، فذهب إلى داره يبكي. - لا يا ولدي، لا يجوز فعل ذلك، فهو بمنزلة أخيك، ونحن الآن في شهر رمضان المبارك، شهر الطاعة، والمغفرة، والمسامحة. - يستحق ذلك. - كلا، هذا فعل خاطئ، كيف لك أن تصوم وأنت تسببت لصديقك بالأذى؟ - ماذا علي فعله؟ - عليك أن تعتذر إليه. - لن أعتذر، لكني أتذكر أنه قال لي: سأشكوك إلى أبي، أبي الأيتام، يظن أنه يخوفني، لكنه يتيم، فكيف سيشكوني إلى أبيه؟ من هو أبو الأيتام يا جدتي الذي سيشكوني إليه؟ - والدنا جميعا هو الإمام علي (عليه السلام) الذي نعيش ذكرى استشهاده. - لم سمي بأبي الأيتام؟ - لأنه تكفل بجميع الأيتام والفقراء، ولن يدعهم يحتاجون لشيء، كان يطعمهم ويجلس معهم كأنه والدهم، وبالمناسبة إنه يعلم ما فعلت بـ(محمد) وهو يتيم، ولن يرتضي ذلك لسببين: أولا: لأن (محمدا) أخوك في الدين ونظير لك في الخلق، وهذا هو قوله (عليه السلام)، وثانيا: علينا مراعاة الأيتام، وتجنب قهرهم وأذيتهم، وذلهم، وهذا ما حثنا عليه الدين الإسلامي الحنيف. - فعلا، أنا تسببت بأذاه يا جدتي، سأذهب إلى داره وأعتذر إليه. - انتظر، سأذهب معك. خرج (علي) وجدته قاصدين بيت (محمد)، فطرقا الباب، فتح (محمد) الباب والحزن يلوح على محياه، فقال (علي): - أنا آسف، لقد أخطأت بحقك، فقبله واحتضنه، وقال: لن أفعلها مرة أخرى، سامحني يا صديقي ـ سامحتك يا (علي). - بمناسبة تصالحنا ونحن نعيش ذكرى شهادة أبينا، أبي الأيتام، سأذهب غدا إلى زيارته، وسأزوره بالنيابة عنك. - جزاك الله خيرا، وتقبل الله منك سلفا. - مع السلامة يا صديقي، أراك غدا بعد الإفطار. - مع السلامة، إن شاء الله تعالى.