رياض الزهراء العدد 216 تاج الأصحاء
تأثير الإفراط الرقمي في الصحة العقلية والجسدية
(الإفراط الرقمي) حالة من الاعتماد المفرط على الأجهزة الإلكترونية والتواصل عبر الإنترنت، يكون الفرد فيها يقضي ساعات طويلة أمام الشاشات ويتجاهل مسؤولياته، وقد يؤدي إلى ظهور آثار سلبية خطيرة في الصحة العقلية والجسدية للفرد، وأعراض (الإفراط الرقمي) عديدة، منها: زيادة التوتر والقلق الشديدين في حال وجود أي عائق في الاتصال بالإنترنت قد تصل إلى حد الاكتئاب، وإهمال الواجبات الاجتماعية، والأسرية، والوظيفية، وحدوث بعض المشكلات، كفقدان العلاقات الاجتماعية والتأخر عن العمل، والنهوض من النوم بشكل مفاجئ لرؤية قائمة المتصلين، والتغير المفاجئ بالمزاج، والقلق الشديد بسبب ما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي، والحاجة إلى استخدام الإنترنت بشكل كبير للحصول على السعادة والراحة، والشعور بأعراض مشابهة لأعراض انسحاب المواد المخدرة، كالآلام الجسدية، والشعور بعدم الراحة عند استخدام الإنترنت لوقت أقل من المعتاد، فضلا عن ذلك توجد أعراض جسدية تلحق أضرارا واضحة بالأشخاص المفرطين باستخدام الإنترنت، منها الصداع، والأرق، وآلام بالظهر والرقبة، وزيادة الوزن أو فقدانه، وجفاف العيون. يمكن تصنيف أنواع (الإفراط الرقمي) لفئات مختلفة، منها: إفراط متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وقضاء الوقت الكثير على منصات التواصل الاجتماعي، والرغبة بزيادة ساعات التواصل، والإفراط باللعب غير المنضبط عبر الإنترنت، والإفراط بالتسوق عبر الإنترنت، والإفراط بمشاهدة الفيديوهات والمسلسلات التلفزيونية، وإهمال الأنشطة اليومية، فضلا عن إدمان الحصول على المعلومات والأخبار والتطورات الجديدة. يظهر (الإفراط الرقمي) نتيجة عوامل عدة متشابكة، تؤدي إلى زيادة الاعتماد على الأجهزة الرقمية، منها: العوامل النفسية التي تشمل الهروب من الواقع والشعور بالوحدة، والعوامل الاجتماعية كالضغط الاجتماعي، والنماذج الاجتماعية، والعوامل التكنولوجية كسهولة الوصول إلى المعلومات، وتوافر الأجهزة الحديثة، والتصاميم الجذابة للمواقع، والعوامل البيولوجية عن طريق زيادة إفراز هرمون السعادة الذي يعزز من الشعور بالرضا، ويحفز الاستخدام المستمر. علاج هذه الظاهرة: يكمن العلاج عبر اتخاذ إجراءات فعالة على المستويين: الفردي، والأسري، فعلى الأفراد ضبط النفس والوعي على حدود استخدام التكنولوجيا عبر تقليل الوقت، وتخصيص أوقات للراحة، والمشاركة في أنشطة صحية بديلة، وطلب المساعدة المهنية، واتباع برامج علاجية سلوكية للتغلب على هذه الحالة، أما دور الأسرة، فيكون بتوجيه أبنائها والحفاظ على التوازن في استخدام التقنيات الرقمية بوضع قواعد واضحة، وتخصيص أوقات للأنشطة البديلة خارج الشاشات لتعزيز التواصل الأسري. وأخيرا، هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحث على عدم هدر الوقت باللعب، بل التركيز على الأعمال الصالحة، والذكر، والطاعة، منها قوله تعالى: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حسابٍ﴾ (النور:37ـ38).